العمل بفترات دوام متغيرة بين الليل والنهار من شأنه أن يعرقل تناغم الساعات البيولوجية في الجسم، فإذا سبق لك العمل في وظيفة ذات أنماط دوام متغيرة، فلا بد أنك تعلم أن الدوام الليلي بإمكانه أن يجعلك تشعر بالإعياء والخمول، لكن هل كنت تعلم أنه يمكن أن يكون ضارا أيضا؟
فقد توصل بحث جديد إلى أن “ساعات الجسم البيولوجية” الخاصة بالدماغ والقلب، والتي يمكن أن تصبح غير متناغمة ومتزامنة نتيجة لتغيير أنماط العمل (بين فترات الدوام الصباحية والمسائية والليلية)، يجعل القلب عرضة للخلل الوظيفي. وهذا الأمر يمكن أن يضر بصحتك ضررا بالغا.
الدراسة أجراها مختبر إم آر سي MRC للبيولوجيا الجزيئية في كامبريدج وتمحورت حول الساعة الداخلية في كل خلية قلب، والتي تغير التوازن الكيميائي للخلية على مدار اليوم. ويحتاج جسمك إلى أن يعمل قلبك بجهد أكبر عندما يكون نشطا، ويحقق ذلك عن طريق جعل القلب ينبض بشكل أسرع.
ووجدت الدراسة الجديدة أنه بتغيُّر فترات الدوام في العمل، يتكيف الدماغ بسرعة كبيرة، لكن ساعات الجسم الموجودة في كل خلية قلبية تتأخر.
هذا يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب المختلفة، لا سيما أثناء الانتقال بين فترات الدوام النهارية والليلية، على الرغم من أنه يجب ملاحظة أن العمل بنظام النوبات المختلفة هو فقط أحد الأسباب من ضمن العديد من العوامل الأخرى التي تزيد خطر الإصابة بمشاكل القلب، بما في ذلك العمر والجنس والتاريخ العائلي والنظام الغذائي.
ووُجد أن العمل بفترات الدوام المختلفة يزيد من المخاطر المتعلقة لا بمشاكل القلب فقط، وإنما أيضا اضطرابات الجهاز الهضمي واضطرابات المزاج، كما يزيد من خطر الإصابة بالسرطان بشكل عام مقارنة بالأشخاص الذين يعملون في فترات دوام نهارية فقط.
وقد اعترفت بعض الحكومات بالمخاطر الصحية الناجمة عن العمل بالدوام الليلي، ففي الدنمارك على سبيل المثال، يحق لأولئك الذين عملوا بدوام ليلي لأكثر من 20 عاما وأصيبوا بالسرطان، الحصول على تعويض.
ورغم المخاطر التي قد يتسبب بها العمل بفترات دوام متغيرة إلا أن هنالك طرقا للالتفاف عليها. لكي نتمتع باللياقة والصحة يجب أن تكون جميع ساعاتنا البيولوجية متزامنة ومتناغمة لأبعد حد مع بعضها البعض.
وللحصول على ذلك من الأفضل أن يكون لديك روتين يومي يتضمن النوم أثناء الليل، وتناول الطعام والعمل أثناء النهار، لكن هذا ليس أمرا اختياريا بالنسبة لملايين العمال.
وعلى الرغم من ذلك، يقول خبراء النوم إنه يمكننا اتخاذ خطوات عملية مختلفة للمساعدة في تقليل الضرر الذي يحدثه العمل بدوام ليلي. ويُفضل أن يفصل بين فترات الدوام الليلية أسبوعان على الأقل لأن ذلك يمنح الجسم وقتا للتكيف.
يمكن أن تساعد ممارسة الرياضة واتباع نظام غذائي جيد ومتوازن أيضا، ولكن العامل الأساسي هو التوقيت.
يؤثر الأكل والتمارين الرياضية على الساعات في جميع أنحاء الجسم بشكل مباشر، من خلال التغيرات في هرمون الأنسولين ودرجة حرارة الجسم.
يمكن خداع أجسامنا لقبول الأوقات الجديدة من خلال تعريض أنفسنا للضوء وتناول “فطور” جيد وكاف قبل أن تبدأ فترة الدوام الليلي، ثم تجنب الطعام والضوء خلال “وقت الليل” الجديد.