من المعروف أن التوتر يؤدي إلى الشعور بالإرهاق والتعب أثناء العمل، ولكن، بحسب ما نشرته “ديلي ميل” البريطانية، فقد توصلت دراسة علمية ألمانية جديدة إلى أن الاثنين التوتر وضغط العمل يعزز كلاهما حدوث الآخر. وعلى الرغم من أن النتائج تشير إلى أن التوتر له تأثير أكبر في الشعور بالإرهاق والضغوط أثناء العمل إلا أن الاثنين يعززان حدوث بعضهما البعض في دائرة مفرغة لزجة.
يقول فريق من جامعة ماينز إن الإرهاق يتطور تدريجيًا، لكنه يؤدي إلى رؤية أن العمل منهك أكثر فأكثر. ويتضمن ذلك أفكارًا مفادها أن مقدار وقت العمل طويل جدًا بحيث لا توجد ساعات كافية في اليوم وأن التوتر طاغٍ للغاية بحيث لا يمكن تجاوزه.
على الرغم من أن الباحثين توقعوا أنهم سيلاحظون تأثير التوتر على الشعور بالإرهاق أثناء العمل، إلا أنهم فوجئوا بقوة هذا التأثير، حيث إن أولئك، الذين يعانون من التوتر، يشعرون بالإرهاق والشك الذاتي ويتضاءل أداؤهم.
قال بروفيسور كريستيان دورمان من جامعة يوهانس جوتنبرغ ماينز JGU: “إن أهم أعراض التوتر هو الشعور بالإرهاق التام لدرجة أنه لا يمكن علاجه عن طريق مراحل التعافي الطبيعية في المساء ولا أثناء عطلة نهاية الأسبوع أو حتى إجازة ما”.
دراسات على مدى 34 عامًا
قام الفريق بتحليل 48 دراسة حول العلاقة بين الإرهاق والتوتر بلغ مجموع المشاركين فيها 26319 فردًا. أجريت الدراسات من 1986 إلى 2019 في عدد من البلدان، التي يبلغ متوسط العمر فيها حوالي 42 عامًا، بنسبة مشاركة بلغت 44% للذكور.
توتر فإرهاق ثم أداء منخفض
وجد الفريق البحثي أن المشاركين لاحظوا أعراض التوتر الشائعة، التي أدت إلى الشعور بالإرهاق، ومن ثم عرقلة الأداء في نهاية المطاف. وقالت دكتور كريستينا جوتييه: “عند الشعور بالتوتر، تقل القدرة على التعامل مع الإرهاق والإجهاد عادة. ونتيجة لذلك، يمكن اعتبار المهام مهما كانت صغيرة أكثر صعوبة بشكل ملحوظ”، موضحة أن الفريق البحثي توقع “وجود تأثير للتوتر على حالة الشعور بضغوط العمل؛ ولكنها كانت قوية التأثير بشكل مثير للدهشة للغاية”.
السلوك الإداري
يرى الفريق البحثي أن تأثير التوتر يمكن تقليله إذا كان لدى الموظفين سيطرة أكبر على عملهم وحصلوا على دعم من زملائهم ورؤسائهم. يقترح دورمان وجوتييه أن نقطة البداية الصحيحة لحل المشكلة هي السلوك الإداري.
ويقول الباحثون: “يجب أن تتاح للموظفين الفرصة لتقديم ملاحظات حول ضغوط عملهم في أي وقت وأن يتم تقديرهم”.
سن الإنهاك الوظيفي
كما توصلت دراسة علمية أخرى، أجريت في سبتمبر 2020، إلى أن متوسط عمر من يعانون من “الإنهاك الوظيفي” واستنزاف الطاقة هو 32 عامًا.
تبين أن حوالي 59% من المشاركين في الدراسة يلقون باللوم في هذا الشعور على العمل لساعات طويلة، مشيرين إلى أن الزيادة الملحوظة على عدد ساعات العمل طرأت بعدما اضطروا للعمل من منازلهم بسبب الإغلاق وحظر التجوال خلال مراحل احتدام جائحة كورونا. عمل بعض المشاركين في الدراسة لمدى 59 ساعة إضافية في خمسة أشهر.
استنفاد الطاقة سبب الاستقالات
تباينت الآراء لدى باقي المشاركين الذين اعتبر بعضهم أن السبب هو عدم الحصول على عدد أيام إجازة كافية، وأرجع البعض الآخر السبب إلى الضغوط المتزايدة من جانب رؤسائهم لإنجاز المزيد من المهام. وكشفت نتائج الدراسة أن أقل من نصف المشاركين، الذين يعانون من الإرهاق، تركوا وظائفهم بسبب نفاد طاقاتهم وإنهاكها.