صورة مُلتقطَة في 8 كانون الأول/ديسمبر 2020 تُظهِر حطام التلسكوب الراديوي في موقع مرصد أريسبو.(حقوق الصورة: Michelle Negron, National Science Foundation)
بعد عام على انهياره، ما زالَ العلماءُ و البورتوريكيون يعانون من فقدان مرصد راديوي شهير مدسوس في هبوط أرضي عمره عقود.
جرى التعرُّف على المرصد الراديوي على الفور وذلك بسبب طبقه الكبير الذي يبلغ طوله 305 متر، وأبراجه الثلاثة المرتفعة، وشبكة أسلاكه الدقيقة والمنصة التي تحمل أدوات علميّـة فوق طبقه.
في أواخر عام 2020، انقطع السلك الأول وتلاه الثاني. مع حلول منتصف تشرين الثاني/نوفمبر من نفس العام، قررت مؤسسة العلوم الوطنيّة الأمريكيّة التي تمتلك الموقع تدمير المرصد باعتباره غير مستقر، غير أن الجاذبية تولت المهمة وسقطت المنصة في الأول من كانون الأول/ديسمبر مُحطَمة الطبق.
ترك الانهيار مجتمع أريسبو العلمي يعاني و يفكر بما سيحلُ بالموقع. لا يزال ذلك غير معروف بعد مرور عام. أعطت مؤسسة العلوم الوطنيّة الأمريكيّة الأولويّة لتنظيف الموقع بدلاً من اتِّخاذ أي قرار كبير بشأن مستقبل المُنشأَة، حتى مع بدء العلماء بالحلم بتحقيق طموحاتهم بمواصلة حمل راية هذا المرصد الأيقوني.
مرصد مميز
بدأ المرصد عمله عام 1963 وتميّز بكونه أداة قيّمة لثلاثة مجالات علميّة: دراسة الغلاف الجوي الأرضي، والكشف عن الضوء الراديوي من الكون حولنا (بما في ذلك إشارات محتملة من فضائيين أذكياء)، واستخدام نظام رادار فعّال لدراسة النظام الشمسي وتحديداً الكويكبات القريبة من الأرض. اُعتبر المرصد رمزاً لبورتوريكو عبر العقود ونجماً سينمائيّاً إثر ظهوره في فيلمي “GoldenEye” و “Contact“.
يظهر المرصد الآن بفيلم جديد يحمل عنوان الحلم الكبير “The Biggest Dream“، وهو فيلم وثائقي عن أصل المرصد وتراثه وانهياره. عُرض الفيلم في بورتوريكو في شهر ديسمبر 2021 ومن المُقرَر أن يُعرض خارج الجزيرة في 2022.
قال فرانسيسكو كوردوفا Francisco Cordova مدير مرصد أريسبو في بيان أصدرته جامعة فلوريدا المركزيَّة التي تدير المرصد: “يعكس إنتاج الفيلم روح بورتوريكو ويظهر حجم المساهمات التي قدمها المرصد والطاقم المسؤول عنه للمجتمع العلمي”.
صرح المنتج والمخرج أندرو هيرنانديز Andrew Hernandez في بيان له قائلاً: “أعجزُ عن وصفِ شعوري بالفخر لسرد قصة المرصد. أُهدِي هذا العمل لجميع الحالمين الذي قرروا الإيمان بقدراتهم على إحداث تغييرات إيجابيّة في هذا العالم بإلهامهم الآخرين”.
استمرار التنظيف
في تقرير نشرته مؤسسة العلوم الوطنيّة الأمريكيّة في 17 تشرين الثاني/نوفمبر، أعطت المؤسسة أولى المستجدات بخصوص حالة الموقع منذ الصيف، إذ كتب مسؤولو المؤسسة في التقرير: “أنهى فريق الطوارئ للتنظيف معظم عمليات التنظيف والتصليح. تشمل الخطوات الآتية إكمال الإصلاحات للمناطق الخرسانية التي تعرضت للضرر، وإزالة مركبات ومعدات العمل وتخزين المواد التي استُرجِعَت”.
على مدار الأشهر الأخيرة، عملت طواقم العمل في الموقع على مهام تشمل زرع المساحات الخضرات لتثبيت التربة، واختبار المياه الجوفيّة، وتحديد وإزالة التربة الملوَّثَة بالزيت الهيدروليكي وإزالة قطعتين كبيرتين من الخرسانة التي كسرت أحد الأبراج الداعمة الثلاثة.
فضلاً عن ذلك، فإنَّ الطواقم قد أزالت بالضبط 38000 لوح معدني كان يغطي حوالي ثلث مساحة سطح الطبق، وتعرضت للضرر خلال الانهيار و عمليات التنظيف. ركبت الطواقم أيضاً سقفاً مُقاوِماً للأعاصير مؤقتاً في مركز التعلم بالمرصد ورمَّمَت بعض الأضرار في سقف مركز الزوار وسطح المراقبة.
تقترح تقديرات جرت منذ شهور بأن عمليَّات التنظيف هذه قد تكلِّف المؤسسة حوالي 50 مليون دولار.
يجري أيضاً تحقيق بخصوص سبب الانهيار وبحسب المتحدث باسم المؤسسة فإنه إلى الآن لم يُعرَف سبب الانهيار.
يجب على المؤسسة التفكير بكيفيَّة إدارة الموقع الآن، مع أخذ تاريخ المرصد الذي امتدَ لعقود بعين الاعتبار.. وبالرغم من غياب المعطيات حالياً، فقد أوضحَ التقرير أنه قد حدث لقاء بين مؤسسة العلوم الوطنيَّة الأمريكيَّة وجامعة فلوريدا المركزيَّة مع مكتب المحافظة التاريخي لولاية بورتوريكو والمجلس الاستشاري في حزيران/يونيو بشأن الحفاظ على تاريخ المرصد ومن المقرر أن يحدث اللقاء مرة أخرى.
أوضحَ التقرير أيضاً أنّ المؤسسة قد أسست عام 2021 لجنة استرجاع مستقِّلة للمسح تضمنت خبراء على دراية بالموقع وقيَّمت الأشياء ذات القيمة العلميَّة، أو الثقافيَّة، أو التاريخيَّة المُحتمَلة لحفظها وعرضها في الموقع، أو في متاحف أُخرَى. نتجَ عن عملِ اللجنة تقريرُ قُدِمَ للمؤسسة في أيلول/سبتمبر، وهو ليس متاحاً بعد على الإنترنت.
ما هو قادم بخصوص الموقع محتوم بما هو متضمن بآخر صفحة من تقرير 17 تشرين الثاني/نوفمبر حيث سلَّطَت المؤسسة الضوءَ على سلسلة من ورشات العمل التي عقدتها في الصيف الماضي مع مجتمع أريسبو العلمي لمناقشة مستقبل فرص المرصد.