تارخ النشر: الاثنين 06 أبريل 2020 KSA 10:00 – GMT 07:00
المصدر: القافلة – إيمان محمد الحمد
حظي أدب الأطفال في المملكة باهتمام لا يزال يزداد يوماً بعد يوم، وما زالت الدراسات والبحوث حوله تتنامى، والإنتاج يتنوَّع بتنوّع حاجات الطفولة.
فقد كانت انطلاقة أدب الأطفـال في المملكـة بظهور مجلة الروضة التي أصدرها الشاعر طاهر زمخشري عام 1959م، تلاها ظهور ملاحق الأطفال ضمن الأعداد الصادرة عن الصحف اليومية، ثم صدرت مجلات خاصة بالأطفال، وألف كثيرون قصصاً للصغار.
إن ما يقدَّم للأطفال في المملكة العربية السعودية من نتاج قصصي متسارع العطاء ومواكب للمستجدات حري بأن يحفِّز المربين على أن يستلهموا منه كثيراً في مجال التربية والتعليم، فبهذا التكامل ينهض المجتمع.
وتركِّز رؤية المملكة 2030 في برنامج جودة الحياة على كثير من المبادرات التي تعزِّز القراءة لدى النشء، كمبادرة إعداد وإقامة دورات القراءة في المدارس بين الطلاب. ويهدف هذا الجهد إلى تحويل المملكة من دولة مستهلكة للمعرفة إلى دولة منتجة لها، كما أن من ضمن أهداف الرؤية إنشاء مكتبات ثابتة ومتنقلة ومخازن عبر الإنترنت لبيع واستعارة الكتب، وإنشاء مكتبات عامة.
الكتابة للمسرح لا تزال خجولة
ومع تنوُّع ما يقدَّم للطفل من أدب نجد الكتابة لمسرح الطفل ما زالت خجولة بسبب وجود بعض المعوقات، كصعوبة طباعة المسرحيات التي تُعدُّ طويلة نوعاً ما ليقرأها طفل. لذا تفضِّل دور النشر غالباً طباعة القصص على طباعة المسرحيات لعدم الإقبال على شرائها. وبالتالي، فإن كُتّاب الأطفال في الوطن العربي بشكل عام يميلون لكتابة الشعر والقصص على كتابة المسرحيات للأطفال لضمان من ينشر لهم، بالإضافة إلى صعوبة العمل على تدريب الأطفال على التمثيل والحاجة إلى تكوين فرق عمل مسرحية نشطة. وذلك يرجع لتداخل الفنون بشتى أنواعها في المسرح من إخراج وهندسة صوتية وموسيقى وإضاءة وأزياء.
فالمسرح هو ذلك الفن الذي يجمع على خشبته كل الفنون، وقد تنبه المربون لأهميته البالغة في تنمية مهارات النشء وبناء شخصياتهم، فإن كانت القصص تنمي جوانب اجتماعية وأخلاقية وتقدِّم ثراءً لغوياً للطفل ومساحة خيالية وجمالية وأخرى تعليمية فإن المسرح بالإضافة إلى كل ذلك يتفرد بأهداف تربوية عميقة، لا تعوض عنها أي من الأنواع الأدبية الأخرى.
فالمسرح لعبة، واللَّعب جزء من عالم الطفل ووسيلته للتكيف مع مجتمعه. ويسهم المسرح في حل كثير من المشكلات والتخلص من بعض الصفات كالخجل، وتنمية صفات أخرى تنمِّي الشخصية كالثقة بالنفس والقيادة.
فحتى مع وجود هذا الكم الهائل من برامج الأطفال على التلفاز والأجهزة اللوحية التي تحقق أهدافاً ترفيهية وتعليمية، يبقى المسرح ضرورة مُلِّحة. لأنه في صميمه ليس وسيطاً تعليمياً وترفيهياً فحسب وإنما يمتاز بذلك التفاعل الاجتماعي المهم والجوهري في مرحلة الطفولـة الذي تفتقـده الوسائط الأخرى.
إننا نلاحظ تقدُّماً واهتماماً متزايداً لمسرح الأطفال في المملكة عموماً، وفي المنطقة الشرقية بشكل خاص. فتستمر جمعية الثقافة والفنون في رعاية المواهب، وتشجِّع الفرق، وتقيم المهرجانات لمسرح الطفل.
ويُعد الكاتب عبدالله آل عبدالمحسن من روَّاد مسرح الطفل في المملكة والخليج. وقد بذل جهداً في سبيل بناء مسرحٍ للطفل وتثبيته وأراد له نمواً وحضوراً أكبر على الساحة الإقليمية والخليجية. ومن الكُتّاب الذين أعطوا الحياة المسرحية جل إبداعهم الكاتب المسرحي علي المصطفى الذي أسهم في كتابة برامج الأطفال، وألّف نحو 25 برنامجاً. ومن أبرز المسرحيين أيضاً الكاتب بكر الشدي، الذي يُعدُّ أحد رواد الحركة المسرحية السعودية، وكانت له برامج للأطفال ومنها “سلامتك” والبرنامج الخليجي الشهير “افتح يا سمسم”، وكذلك الكاتب المسرحي فهد ردة الحارثي والكاتب المسرحي عباس الحايك وغيرهم.
ويتجلى اهتمام المملكة العربية السعودية بمسرح الطفل في مبادرات رؤية 2030 باعتبار افتتاح المسارح من أبرز المبادرات في برنامج جودة الحياة، حيث يشمل نطاق العمل بناء أو تجديد مسارح وقاعة فعاليات كبرى. ونحن جميعاً ككتاب نتطلع إلى تحقيق هذه الرؤية الطموحة. وفي نهاية المطاف نتمنى عطاءً لا محدوداً ونتاجاً ثرياً يغذِّي عقول أطفالنا وينمِّي ذوقهم وخيالهم، ويحمل هم ثقافتنا العربية وقيم ديننا الإسلامي ويبتعد عن سطوة الشخصيات التجارية التي تصدّر للأطفال، وتستحوذ عليهم وتحاصرهم في جميع ملابسهم وأدواتهم وأجهزتهم من دون أن تقدِّم لهم قيمة ثقافية.
نتمنى أدباً راقياً بأجنحة من خيال ومعانٍ عميقة لأطفالنا في المملكة والعالم العربي والعالم ككل.
**حقوق النشر محفوظة لمجلة القافلة، أرامكو السعودية