المخرجة السينمائية إيناس الدغيدي من أبرز المخرجات على الساحة العربية وتميزت بالجرأة الكبيرة في الأفكار والموضوعات، وأطلق عليها “صاحبة الفكر التنويري الجديد في السينما”، ورغم أنها هوجمت بشدة لكنها أصرت أن تكمل مشوارها، وقد تم تكريمها مؤخرا بمهرجان الإسكندرية الأخير.

وفي حوارها مع “العربية.نت”، تحدثت إيناس الدغيدي عن تكريمها وبدايتها الفنية وكيف فشلت في الدراسة، فتم اختيارها للعمل بالإخراج، كما تحدثت عن أبرز أفلامها ومشكلاتها.

*حدثينا عن تكريمك في مهرجان الإسكندرية وكيف حدث؟ وما حكاية الفيلم الذي قدمه لك مخرج شاب يروي قصة حياتك؟

**أنا سعيدة بالتكريم خاصة من مهرجان الإسكندرية الذي أعتبره بيتي ووسط أصدقائي وأكون على سجيتي تماما بدون تكلف أو تصنع ورسميات، ويسعدني التكريم لأنه جاء بعد مشوار طويل في السينما والحياة، ولكن يحزنني أن يشعرني التكريم بأني كبرت في السن، فهذا لا أقبله أبدا فأنا أحب الحياة وأكره حساب العمر، وكل أمنياتي أن أواصل عملي كصانعة أفلام.

وحكاية المخرج الشاب نور معي هو أنه طلب عمل فيلم عني، ورحبت بذلك وصوّر الفيلم وقرر عرضه يوم ندوتي بمهرجان الاسكندرية، وهذا أسعدني جدا والشاب اسمه نورالدين علي، أراد أن يقدم فيلما عن سينما إيناس الدغيدي، وكان الفيلم مؤثرا جدا واستقبله الناس بحفاوة جعلتني أبكي بشدة.

*كيف وجدت مشاركتك في لجان تحكيم المهرجان؟

**كانت تجربة جيدة جدا وطبعا الكل يعرف عني أني امرأة عادلة وغير عاطفية في عملي وعملية وعقلانية، لذلك خلال مشاركتي في لجان التحكيم كنت أنحاز للأفلام الجيدة فقط، وأختار أفضل العناصر الفنية بالأفلام بشكل مهني دون مجاملة لأحد فهذا ليس من طباعي أبدا.

*صرحت أنك عملت كمخرجة بالصدفة ودرست الإخراج بسبب فشلك في الدراسة، فما صحة ذلك؟

(ردت ضاحكة)
**نعم هذا حقيقي ولا أخجل منه، فأنا لا أحب الدراسة وكنت فتاة مدللة جدا وأهتم بشكلي وشعري، وكنت طويلة وشعري أصفر وأهتم بعناصر كثيرة إلا الدراسة وقد، قدمت في معهد سينما لأنه تم رفضي في أكثر من مكان، ونصحتني إحدى صديقاتي أن أشارك في معهد السينما فوافقت، ونصحني مدرسيني بالمعهد أن أقدم على قسم إنتاج، وقبلوني بالفعل، وعرفت من هناك معنى كلمة فن.

وهنا تغيرت حياتي، وعرفت قيمة الفن وجماله بعدما تعاملت هناك مع عمالقة الفن المصري، ولم أكن أعرف ماذا أفعل، ونصحني المخرج صلاح أبو سيف أن أتجه إلى الإخراج لأنني متفوقة في كل دروسه، ومن هناك انطلقت إلى هذا العالم وأصبحت مخرجة. وربما لو كنت أحب الدراسة لكنت الآن أعمل بمهنة أخرى غير الإخراج.

*هل كان طريقك كمخرجة صعبا في ظل انعدام وجود مخرجات تقريبا في ذلك الوقت؟

طبعا كان مشوارا في قمة الصعوبة، فأنا نفسي لم أكن متخيلة أن تكون هناك امرأة تخرج أعمالا، فما بالك بالآخرين وإيمانهم بعمل المرأة بمهنة الإخراج، وتلك الفترة كانت صعبة للغاية، ولا يوجد مساحة لظهور أي مخرج جديد، وعانيت أكثر بسبب عدم ثقة المنتجين في، وإعطائي الدعم والأموال لتقديم أعمال للجمهور وأفلام خاصة إن كان لي أفكار مختلفة عن السائد.

*يقال دائما إنك جريئة وصاحبة فكر تنويري لكنك تجنيت على الرجال في كثير من الأحيان بسبب انحيازك للمرأة فما ردك؟

**لن أنكر أني فكرت في اتجاه جديد وقررت منذ بدايتي أن أقدم أعمالا مختلفة ومميزة، وقد تكون تلك الأعمال تجنت على الرجال وانحازت للنساء، لترفع من قيمة المرأة، وتم توجيه انتقادات كثيرة لها ولكني سعيدة بمشواري الفني جدا، وأني طرحت قضايا مختلفة ومثيرة للجدل واخترقت تابوهات كان الجميع يهرب منها.

*ما أهم الأفلام التي قدمتيها وترينها نقلة في المجتمع والسينما وبصمة في مشوارك؟

**لي أفلام كثيرة جدا كانت صرخة في المجتمع منها “عفواً أيها القانون”، و”الباحثات عن الحرية”، و”لحم رخيص”، وهذه الأفلام صنفتني أني مخرجة لسينما المرأة. وأول فيلم لي وهو “عفواً أيها القانون” كان سبباً في تصنيفي بذلك، وهذا لم يزعجني أبدا بالعكس كان شيئا أفتخر وأعتز به.

*لكنك قدمت أفلاما خارج قضية المرأة مثل “كلام الليل” و”ما تيجي نرقص” وغيرها فلماذا لم يختلف تصنيفك كمخرجة لأفلام النساء؟

**لأكون صريحة لم أتوقف عند هذا التصنيف، لأني أحب التنوع والاختلاف وأجد المجتمع به عشرات ومئات القضايا التي تخص الإنسان بوجه عام بغض النظر عن جنسه، وبالفعل قدمت أفلاماً خارج نطاق قضايا المرأة، ولكن ظل التصنيف ملتصق بي ربما لأني صممت أن تكون بطلات أفلامي من النساء، ووقفت في صفهم، في معظم الأحيان وقدمت السينما والقضية بعيونهم، لأرفع من قيمة المرأة، لإحساسي بأنها مظلومة بالمجتمع ولا تأخذ حقها فهي لها مكانة تستحقها، لكنها مهضومة لحد كبير، و كوني امرأة جعلني أشعر بهذه المسؤولية، وأعبر عنها في كل حالاتها بكل أفلامي بشكل أو بآخر.

*أخرجت 16 فيلماً لكنك غبت عن السينما منذ عام 2009 وفيلم “مجنون أميرة” عام 2009 فما السبب؟

**فعلا غيابي طويل يصل لـ11 عاما تقريبا، والسبب أني أنتجت آخر فيلمين لي وهما “الباحثات عن الحرية”، و”مجنون أميرة” وخسرت فيهما أموالا كثيرة جدا، وكان السبب هو تحكم الموزعين في الشركات الإنتاجية، التي يملكها أفراد مثلي، ولذلك خسرنا لأنهم أهملوا توزيع أفلامنا، وخسرت في الفيلمين 6 ملايين جنيه، وكان هذا سبب ابتعادي عن الإنتاج، فأنا لم أغب عن الأفلام كمخرجة أو منتجة بإرادتي، وإنما بسبب ظروف متعددة شهدتها السينما المصرية في السنوات الأخيرة.

alarabiya.net