على الرغم من اشتداد المحن على اليمن فإن الفنان اليمني الشاب هاني الشيباني الذي يلقبه متابعوه بـ “شيبوب الأغنية الشبابية” استطاع أن يجمع التراث الموسيقي اليمني من بين ركام الحرب، ليبدع حالة موسيقية جديدة من خلال إعادة إحياء الأغاني اليمنية التراثية القديمة التي أوشكت على الاندثار بسبب الأزمات التي تشهدها البلاد جراء الحرب، وساهم الفنان في تجديد ألوانها الطربية بما يتناغم مع ذائقة الجيل الجديد عبر إضفاء بصمات إيقاعية حديثة بالتعاون مع موزعين وموسيقيين من اليمن وخارجها.
“عنب اليمن” رسالة مريرة من قلب المأساة إلى العالم
من قلب المعاناة يولد الأمل، ومن قلب المأساة يولد الإبداع” شعار يحمله هاني، الذي استهل أولى نتاجاته الغنائية بأغنية “الحب أربع مواسم” لينطلق بعدها في تقديم أغنيات لصالح منظمات إنسانية لإيصال صوت المعاناة وقهر الحروب ووجع الفقر الذي يتكبده اليمنيون إلى وجدان العالم، فقد أنتج أغنية “عنب اليمن” لصالح برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وأبرزت الأغنية أن العنب اليمني ليس مجرد منتج زراعي بل جزء من حضارة وثقافة وتاريخ شعب عريق. ومن اﻷغاني اليمنية المحدثة التي قدمها الفنان: “عودت عيني- خلي أسر قلبي – أيوة على عينك – يماه -مسافرين- بير العزب- ذكرى المحبة وآخرها كانت بجاهك دعيتك”.
“يا عالم يكفينا” إهداء لأطفال اليمن لمناهضة الحرب
وقال هاني الشيباني في حوار خاص مع “العربية.نت” إنه خلال مسيرته قدم في العام 2018 أغنية مناهضة للحرب بعنوان “يا عالم يكفينا” غنى فيها لأطفال اليمن. ومن كلمات الأغنية :”فمتى تتفتح أزهاري ويعود الأمن إلى داري، وليفرح أطفال بلادي والورد يُعانق أسواري”. وأشار إلى أن أغلب أعماله أنجزها بالتعاون مع موسيقيين من مختلف محافظات اليمن مثل أغنية “فلاش موب” و”لا تصغرش نفسك”.
[embedded content]
أغاني شيبوب سفيرة سلام إلى العالم
إلى ذلك، أصبح هاني مؤخراً حديث منصات التواصل الاجتماعي باليمن، بإصداراته الجديدة التي تداولها النشطاء على نطاق واسع، حيث وصفوه بأنه حالة غنائية خاصة جداً لن تتكرر، معتبرين أنه بقدر ما هم مغرمون بالطرب والأغاني الكلاسيكية فقد وقعوا في غرام موسيقى “شيبوب” وصوته وطريقة طرحه للأغنية اليمنية بطابع شبابي متجدد قريب للقلب، مشيدين بتجربته في تجديد اللون التراثي بالطريقة الحداثية، وجعل الأغنية اليمنية سفيرة سلام إلى العالم.
نشر البهجة وسط لهيب الأزمات
وحسب هاني، فإن دور الموسيقى مؤثر للغاية ضد العنف والحرب، وقال إنه يسعى من خلال أغانيه إلى نشر البهجة وسط لهيب الأزمات واستمرار سيناريو الصراع الدامي، وإظهار الفن اليمني برؤية عصرية مختلفة وإطلاقه من حيز المحلية إلى أفق العالمية، وحث الفنان، اليمنيين على حب الوطن ونشر قيم التسامح والوحدة في المجتمع، معتبراً أن الموسيقى لغة وئام تنقل معاناة وتصنع تعايشاً بين الشعوب.
تراث غنائي يمني مندثر وشبه منسي
وحول تجربته في إحياء الموروث الموسيقي اليمني بوصفه مرتبطا بالهوية، تحدث هاني :”يتوجب علينا كيمنيين بذل مجهود أكبر لإحياء التراث وحمايته في حاضرنا ومستقبلنا. ومن هذا المنطلق فقد بدأت رحلة بحثي عن التسجيلات الأصلية للأغنية اليمنية القديمة، وغالباً ما كنت أجدها بجودة منخفضة وبعضها كانت ضائعة ومجهولة، ويتم إعادة غنائها من قبل فنانين غير يمنيين، مكتفين بنسبها للتراث من دون الإشارة إلى كونها تراثا غنائيا يمانيا. لذلك قررت وبمجهود وبتمويل شخصي إعادة إحياء تلك اﻷغنيات وغناءها بشكل احترافي وعصري حتى لا تندثر أو تبقى محصورة في إطارها المحلي. وقمت بإدخال آلات موسيقية عديدة لم تستخدم في التراث الغنائي اليمني القديم.
قوى سياسية تحارب الغناء باسم الدين
ويرى هاني أن أسباب اندثار التراث الموسيقي اليمني، مردها إلى جملة من المعيقات، أبرزها غياب المعاهد الموسيقية والفنية وغياب الحفلات الغنائية بسبب قوى سياسية تحارب الفن باسم الدين، وعدم دعم أجهزة الثقافة والإعلام للفن والفنانين، ولجوء أغلب الفنانين والموهوبين للهجرة، وعدم وجود جهات داعمة أو ممولة أو مبادرات لإنتاج أعمال فنية بناءة، بإخراج حديث يواكب العصر. ونقص الإمكانيات المادية وسط تراجع دعم الجهات المختصة وشركات الإنتاج فضلاً عن انحسار الأغنية اليمنية في نمط معين رغم تنوع لهجاتها وإيقاعاتها.