كانت الخامسة و49 دقيقة فجر السبت 5 مايو 1821 بالتحديد، أي منذ قرنين تماما، حين توفي نابليون بونابرت ضحية بعمر 51 لسرطان بالمعدة، سبق لأبيه الإيطالي الأصل أن توفي به في 1785 وهو شاب عمره 38 سنة، وبعده في 1820 توفيت بالمرض نفسه أخته Elisa وبالكاد كان عمرها 43 فقط.
الرجل الذي كان امبراطورا في فرنسا، ملأ الدنيا وشغل الناس، قضى بالمرض بعد 6 أعوام من إقامته منفيا في جزيرة، هي من الأكثر عزلة في العالم، على حد ما طالعت “العربية.نت” بسيرة Saint Helena التابعة لبريطانيا للآن، والبعيدة في الأطلسي أكثر من 2000 كيلومتر عن أي يابسة، وبعد 35 ساعة تقريبا من وفاته على سريره، صنعوا لوجه نابليون “قناع الموت” المحفوظ حاليا في “متحف الجيش” بباريس، والدارج صنعه ذلك الوقت لمن يفارق الحياة من المشاهير، تمهيدا لنحت تماثيل أو رسم لوحات وما شابه لهم، إلى أن حلت الكاميرات مكان الأقنعة.
قناع موت نابليون، صنعوه بعد 35 ساعة من وفاته
ويكتبون عن القناع الذي صنعوه من خليط من الجص والشمع، بأنه الأكثر دلالة على ملامح نابليون الحقيقية، بعكس ما نراه في لوحات رسم معظمها فنانون تخيلوه، ومعظمها يبدو فيها واضعاً يده على بطنه، من آلام السرطان عليه، إلا أن الأكثر إيضاحا لوجهه هي لوحة رسمها في 1826 فرنسي احترف رسم المعارك والاشتباكات بين الجيوش، هو Horace Vernet الراحل في 1863 بعمر 73 سنة، واستوحاها من تأمله في “قناع الموت” نفسه على ما يبدو.
هزيل يعاني من ألم شديد
من يتأمل بالقناع، أو صورته، أو اللوحة التي رسمها فيرنيه، يجد أن نابليون المولود في جزيرة Corsica التابعة في المتوسط لفرنسا، مع أنها بعيدة 11 كيلومترا فقط عن جزيرة سردينيا الإيطالية، كان هزيلا ويعاني من ألم شديد وقت وفاته في المنزل الشهير للآن باسم Longwood بسبب توابع المرض الأخبث عليه.
كانت عيناه مغلقتين تماما ساعة موته. أما فمه، فمفتوح الشفتين قليلا، ربما من ألم احتدم قبل ثوان من لفظ أنفاسه الأخيرة، أو لأنه همّ بأن يقول شيئا ومنعه الموت مما كان ينويه، فيما كان رأسه مائلا بعض الشيء إلى الخلف وقت موته الذي عاينه أطباء فرنسيون وبريطانيون أقبلوا صباح الاثنين 7 مايو 1821 إلى المنزل الذي توفي فيه، وهو فخم مع حديقة، خصصته السلطات البريطانية كمقر لإقامته منفيا بالجزيرة، وأقام معه فيه وبجواره 16 آخرون من مساعديه، وتعرض “العربية.نت” فيديو عنه أدناه، حيث يبدو كما كان تماما زمن نابليون من الداخل والخارج، من دون أن يتغيّر فيه إلا الشيء القليل، خصوصا السرير الذي توفي عليه.
[embedded content]
يكتبون أيضا، أن طبيبا فرنسيا اسمه François Carlo Antommarchi المتوفى في كوبا فيما بعد، اقترب من جثمان نابليون المسجى على السرير، وسكب على وجهه خليطا سائلا من الشمع والجص، فيما تقول رواية أخرى إن الساكب كان جراحا من الجيش البريطاني، اسمه Francis Burton وكان مقيما في الجزيرة للعناية بجنود بريطانيين مكلفين بالأمن فيها، وبشكل خاص مراقبة نابليون ومن كانوا معه حتى وفاته التي تمر عليها اليوم مئوية ثانية لا يبدو مما بثته الوكالات أن فرنسا متحمسة جدا لإحيائها.
كتاب عن يوليوس قيصر
لم يرد الكثير من الوكالات في اليومين الماضيين عن المئوية الثانية لوفاة نابليون، سوى أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، سيقوم اليوم الأربعاء بزيارة ضريحه ليضع إكليلا من الزهور ترحما على الإمبراطور الذي ألف كتابا عن يوليوس قيصر أثناء نفيه في الجزيرة التي تم دفنه فيها طوال 19 سنة، إلى أن أعادوا رفاته في 1840 إلى فرنسا، ودفنها في مجمّع يحتوي على متاحف ونصب تتعلق بالتاريخ العسكري الفرنسي، معروف باسم Les Invalides في باريس.
بعضهم في فرنسا، خصوصا من أحزاب اليسار والجمعيات الحقوقية، طالبوا بعدم إقامة احتفالات تذكارية بالمئوية الثانية لوفاة من وصفوه بأنه “صاحب سجل مثير للجدل في مجال العبودية والحروب” وهو ما قد يتطرق إليه الرئيس ماكرون في كلمة سيلقيها للمناسبة، بحسب ما نقلت جريدة “لوفيغارو” اليمينية عن مستشار في قصر الإليزيه، لم تذكر اسمه “لكنه لن يركز على هذه النقطة، كي لا يثير جدلا سياسيا جديدا في البلاد” وفقا لما نقلت الصحيفة عن المصدر.