كشف بحث تقييمي أنجزه المركز الوطني محمد السادس للمعاقين أن الحجْر الصحي الذي فرضته جائحة كورونا طيلة الشهور الثلاثة الأخيرة خلّف تأثيراتٍ متباينة على الأشخاص في وضعية إعاقة بمختلف أنواعها، إذ برزتَ في صفوف هذه الفئة أعراض نجمتْ عن بقائهم داخل المنازل طيلة فترة الحجر.

وأظهرت نتائج الاستطلاع الذي أجراه المركز، في إطار تقييم العمل الذي قام به منذ بداية ظهور جائحة كورونا إلى الآن، أن ثلاثة وخمسين في المائة من أسَر الأشخاص في وضعية إعاقة سجّلت معاناة أبنائها من التوتّر، وصرّح ثلاثة وثلاثون في المائة من المبحوثين أن أبناءهم عانوا من القلق، وأربعة عشر في المائة قالوا إن أطفالهم كانوا في وضعية عادية خلال فترة الحجر الصحي.

وبخصوص فهم أسباب الحجر الصحي، أوضحت نتائج البحث الذي أنجزه المركز الوطني محمد السادس للمعاقين، وقدم نتائجَه كاتبه العام عبد اللطيف السمار، في ندوة رقمية صباح الخميس، أن نسبة الأشخاص الذين عبروا عن فهمهم أسباب هذه الوضعية بلغت اثنين وستين في المائة، فيما صرح ثمانية وثلاثون في المائة بالعكس.

وكشفت نتائج البحث أن نسبة الأطفال ذوي الإعاقة الذين تأثروا بالحجر الصحي بلغت تسعة وخمسين في المائة، فيما ظهرت سلوكيات غير اعتيادية عند سبعة وخمسين في المائة من الأطفال، مقابل ثلاثة وأربعين في المائة صرحت أسرهم بأن سلوكياتهم خلال فترة الحجر الصحي كانت عادية.

ويبدو أنّ الأسر المغربية التي لديها أطفال ذوو إعاقة عانتْ كثيرا خلال فترة الحجر الصحي؛ فحتى الأسر التي استفاد أبناؤها من التكفل عن بعد عبّرت عن تأييدها لاستئناف الأنشطة الحضورية داخل مراكز إعادة تأهيل الأشخاص ذوي إعاقة، فيما لم تتعدّ نسبة الذين اقترحوا أن تكون الأنشطة مزدوجة، أو حضورية وعن بعد، خمسة في المائة.

بحث مواز أجراه تحالف الجمعيات العاملة في مجال التوحد، وشمل 1700 أسرة، كشفت نتائجه بدوره عن معاناة حقيقية كابدتها أسر الأشخاص في وضعية إعاقة. وقالت رئيسة التحالف، سمية العمراني، إنها “تقطر ألما وحسرة”، مشيرة إلى أن الجائحة أثّرت بشكل بليغ على الوضعية الاقتصادية للأسر.

وقالت العمراني إن البحث المذكور كانت نتائجه “مؤلمة جدا”، مضيفة: “أحسسنا بالآثار السلبية الكبيرة على القدرات المادية للأسر، وتجلى ذلك في كون مطلبها الأساسي قبل جائحة كورونا هو التكوين، والآن صار هو السكن والتغذية والعلاج، وتراجع التكوين إلى آخر الهرم، وهذا يبين الآثار السلبية الوخيمة للجائحة على الوضعية الاقتصادية للأسر”.

وأضافت الفاعلة الجمعوية: “الجميع يُدرك أن الإعاقة مُفقرة، والآن تُضاف إلى الفقر آثار الجائحة، إذ يُتوقع انخفاض التنمية في العالم. ومن خلال التواصل مع الأسر سجّلنا أن آثار الجائحة مسّت بالتوازن النفسي والصحي للأطفال ذوي إعاقة”.

وحسب البحث الذي أجراه تحالف الجمعيات العاملة في مجال التوحد فإن الأطفال الذين يعانون من هذه الإعاقة عانوا، خلال فترة الحجر الصحي، من اضطرابات النوم، واضطراب التغذية، والاضطرابات الحسّية، إذ عادوا إلى إتيان سلوكيات سبق أن عُولجوا منها، مثل اختيار مادة غذائية واحدة في كل وجبة دون أكل سواها، كما ظهرت في صفوفهم حالات عنف ضد الذات.

جائحة كورونا أظهرت أيضا أن أسر الأشخاص في وضعية إعاقة عانت من شرخ رقمي قالت العمرانية إن نتائجه كانت “سلبية جدا ومدمّرة”، لافتة إلى أن افتقار الأسر التي يعاني أغلبها أصلا من الهشاشة إلى الوسائل التكنولوجية عمّق عزلتها، وحرمها من الاستفادة من الخدمات عن بعد؛ وهو ما يطرح، تضيف، “سؤال العدالة الرقمية التي لم تعد مسألة فارق بين شمال الكرة الأرضية وجنوبها، بل تطرح أيضا مسألة الولوج إلى الصحة والخدمات والتعليم وحتى الاستفادة من قفة المساعدة”.

من جهة ثانية، بلغ عدد المستفيدين من خدمات التكفل عن بعد، المتعلقة بالرعاية الطبية والخدمات التربوية والاجتماعية التي قدمها المركز الوطني محمد السادس للمعاقين، 466 مستفيدة ومستفيدا خلال فترة الحجر الصحي؛ فيما وصل عدد الحصص في مجال الترويض وتقوية النطق والترويض الطبي التي قدمها المركز خلال الفترة نفسها 1193 حصة.

hespress.com