من المنتظر أن تنظر الحكومة المغربية من جديد في مشروع القانون المتعلق بتقنين زراعة واستعمالات القنب الهندي (الكيف)، بعدما أجلت النظر فيه لمناسبتين متتاليتين خلال أشغال المجلس الحكومي، بينما يترقب آلاف المزارعين في مناطق الريف وجبالة أن تصادق “سلطات الرباط” على المشروع المذكور.

وفي غمرة الاستعداد للانتخابات المحلية والتشريعية التي ستجرى في أواخر هذا العام، انبثق نقاش “تقنين الكيف” بالمغرب وسط آمال عريضة بتمكين المزارعين من آليات للاستفادة من محصولهم الزراعي بشكل قانوني، والسماح باستخدام القنب الهندي في المجال الطبي، وهو نقاش “قديم” يتجدد مع كل مناسبة انتخابية، غير أنه يبدو اليوم أن هناك توجها رسميا للحسم في هذا الموضوع.

محمد اعبوت، ناشط جمعوي ريفي، قال إن “مناطق زراعة الكيف، منذ سبعينات القرن الماضي، تعرّضت للاستغلال والتهميش والاقصاء، كما أن الفلاحين يعيشون في خوف مستمر، والسبب يعود إلى زراعة الكيف الممنوعة قانونيا”، مبرزا أن “بعض المناطق التي تزرع الكيف تتمتع بمؤهلات طبيعية خلابة كان يمكن أن تكون الأولى وطنيا في مجال السياحة الجبلية”.

وذكر اعبوت، رئيس جمعية “شباب مستقبل إساكن”، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “منطقة إساكن، التي تزرع الكيف منذ سنة 1900، تقع في سفح جبل تدغين، أعلى جبل في سلسلة جبال الريف، تتمتع بغطاء غابوي متنوع وتضاريس جبلية مختلفة يمكن أن تجعل منها وجهة سياحية أفضل من إفران، لكن زراعة الكيف بشكل غير قانوني تعيق ذلك”.

وشدد الفاعل المدني ذاته على أن “زراعة الكيف تسببت في عرقلة التنمية بجميع المناطق التي تشهدها، ويعود ذلك بالدرجة الأولى إلى كون السكان لا يطالبون بأي مصلحة خوفا من السلطات، لأنهم كلهم مزارعون خارجون عن القانون”، مبرزا أن “نصف مليون مزارع ينتظرون الخروج من العزلة النفسية والاجتماعية بسبب القانون المقترح، ومن المنتظر أيضا أن تتحرك عجلة التنمية في هذه المناطق”.

واعتبر الناشط الجمعوي المحلي، في التصريح ذاته، أن “قانون الداخلية سيحول الفلاحين من مزارعين خارج القانون إلى مساهمين في الاقتصاد الوطني وفاعلين في المجتمع بإنشاء التعاونيات التي ذكرها القانون، وإحداث الشركات الصناعية في مجال الأدوية”، مضيفا أنه “من المتوقع أن يقطع القانون الطريق على المهربين الدوليين الأجانب الذين يستغلون وضعية الفلاحين المغلوب على أمرهم ويشترون محاصيلهم بأثمنة بخسة، كما أن المقترح سيقلص من تجارة المخدرات وسيحد من تحويل نبتة الكيف إلى مخدر الحشيش”.

وأورد اعبوت أن “تقنين زراعة الكيف سيرد الاعتبار للمناطق التي تزرعه وسيفتح المجال أما باقي الأنشطة الاقتصادية، خصوصا السياحة، كما سيتحول الفلاح من شخص خارج عن القانون إلى منتج مساهم في الاقتصاد الوطني وفاعل في المجتمع”، محذرا في الآن ذاته من “توسيع مناطق تحديد زراعة الكيف”.

وطالب المتحدث بـ”تحديد زراعة الكيف في المناطق التي لها تضاريس صعبة والتي تزرعه منذ سنوات وتعتمد في اقتصادها بالأساس على هذه الزراعة، بخلاف باقي المناطق في السهول التي يمكن أن تنتج أشياء أخرى أفضل من زراعة الكيف”.

hespress.com