قلل محمد عبد الوهاب رفيقي (أبو حفص)، الباحث المتخصص في الدراسات الإسلامية، من دور العوامل الاقتصادية والاجتماعية في دفع الشباب إلى اعتناق الفكر المتطرف والالتحاق بالتنظيمات الإرهابية، معتبرا أن السبب الرئيسي وراء انزياح الشباب نحو طريق الإرهاب هو الرغبة في التكفير عن ذنوبهم عن طريق “الاستشهاد”.

وقال رفيقي، الذي كان يتحدث في ندوة نظمتها جامعة مولاي إسماعيل بمكناس حول التفكير في التطرف في أوساط الشباب: “لا أعطي بُعدا كبيرا للعوامل الاقتصادية والاجتماعية كدافع لتطرف الشباب؛ قد تكون هذه العوامل مغذّية للفكر المتطرف لدى الشاب، ولكن هناك كثيرا من الشباب التحقوا بتنظيمات إرهابية رغم أنهم يتحدرون من أسر ميسورة”.

واستدل رفيقي بحالته الشخصية؛ حيث تطرف لأسباب غير العوامل الاقتصادية والاجتماعية، قائلا: “شخصيا نشأت في أسرة متوسطة من أبويْن موظفين، في أحد أجود أحياء مدينة الدار البيضاء، ولي مكان قريب من الفضاءات الحية، مثل البحر والمسابح ودور السينما. وبالتالي، فإن تأثير العامل الاقتصادي والاجتماعي غير موجود”.

وقدم كذلك نموذج فتيحة المجاطي، “إحدى البروفايلات الشهيرة في عالم التطرف والإرهاب”، كما وصفها، لافتا إلى أنها “تنتمي إلى عائلة ميسورة، وكانت متفوقة في دراستها حيث استُقبلت من طرف الملك محمد السادس عندما كان وليا للعهد ضمن فوج من الطلبة النوابغ، وتتقن ثلاث أو أربع لغات، وكانت فنانة تشكيلية نظمت عددا من المعارض، ومع ذلك اختارت الانضمام إلى تنظيم “داعش”، حيث كانت قيادية كبيرة أسندت إليها مسؤولة عن التحقيق والتعذيب في قسم النساء”.

ويرى رفيقي أن حالة فتيحة المجاطي، وغيرها من “البروفايلات” الشبيهة لها في عالم التطرف والإرهاب، يهدم كثيرا من النظريات التي تقول إن سبب تطرف الشباب راجع إلى العوامل الاقتصادية والاجتماعية، مؤكدا أنه لا يستبعد تأثير هذه العوامل ولكنه يضعها في مرتبة أدنى من تأثير الدين.

وقال في هذا الإطار: “بعض الشباب الميسورين الذين التحقوا بالتنظيمات الإرهابية اعتبروا ذلك وسيلة للتكفير عن ذنوبهم، لأنهم تشبعوا بالخطاب الذي يقول بأن الشهيد تُغفر له جميع ذنوبه، وهو ما يدفعهم إلى الالتحاق بتلك الجماعات، لأنهم يعتقدون أن لا شيء سيغفر لهم ذنوبهم سوى الاستشهاد”.

وشدد الباحث في الدراسات الإسلامية على أن الملتحقين بالتنظيمات المتطرفة مدفوعون بغاية الحرص على تنزيل النصوص الدينية بالطريقة التي يصوّرها منظرو تلك الجماعات، لافتا إلى أن هناك سببا آخر يتمثل في عامل الجنس، حيث يطمحون إلى العيش في الجنة وسط الحور العين.

واستطرد المتحدث قائلا إن “عامل الجنس هو أحد الدوافع الكبرى نحو التطرف، بسبب البروباغاندا التي تقوم بها الجماعات المتطرفة من أجل استمالة الشباب، وذلك بنسج قصص حول الحور العين لإغرائهم”، مضيفا أن “المرويات الحديثية مشحونة كثيرا بموضوع الحور العين، وعندما يصادَم هذا الشحن بالكبت الجنسي يؤدي إلى التطرف”.

hespress.com