الثلاثاء 18 غشت 2020 – 08:00
واقع أكاديمي متأزم يطرح تساؤلات ملحة بشأن أفق البحث العلمي في الجامعات المغربية، بعدما عجزت مختلف الحكومات المتعاقبة عن تطوير الأداء الجامعي ليُساير التطورات العلمية والتحولات المتسارعة التي يشهدها العالم.
فقد غاب المغرب عن تصنيف “شنغهاي” الشهير خلال سنة 2020، حيث لم تستطع أي جامعة وطنية، عمومية كانت أم خاصة، التموقع فيه، الأمر الذي يكشف عن الأزمة العميقة التي تعانيها الجامعة المغربية، لا سيما ما يتصل بجودة البحث العلمي.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور الحسن بنعبو، مدير مختبر القيم والمجتمع والتنمية بجامعة ابن زهر في أكادير، إن “إشكالية البحث العلمي في الجامعات والمعاهد العليا المغربية غدت عميقة وبنيوية، نظرا لإهماله وغياب سياسة جادة وناجعة للدفع به قدما، فضلا عن غياب دعم حقيقي للبحث العلمي، ورعاية الباحثين وتحفيزهم معنويا وماديا”.
وأضاف بنعبو، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “هناك غياباً لهيكلة علمية على مستوى الجامعات، تدفع في اتجاه تجميع جهود بنيات البحث نحو تشكيل مراكز ومختبرات وأقطاب كبرى متعددة التخصصات، تشتغل على محاور بحثية تحظى بالأولوية في خدمة تنمية المجتمع”.
وأوضح الكاتب الجهوي للفرع الجهوي للنقابة الوطنية للتعليم العالي بأكادير أن “ذلك خلاف ما هو واقع من وجود بنيات بحث ضعيفة في جل الجامعات المغربية التي لا تملك الإمكانات المادية والتحفيزية للإنتاج العلمي والاستمرار، نظرا لضعف ميزانياتها؛ وإن وجدت على هزالتها، فهي تخضع لمساطر معقدة في الصرف، لا تلبي حاجيات البحث العلمي وأهدافه”.
وتابع مسترسلا: “في ظل غياب إرادة حقيقية من المسؤولين وطنيا وجهويا لدعم البحث العلمي، وانعدام استراتيجية واضحة، ومراجعة السياسة المتبعة، بدءاً من مراجعة نظام الدراسات العليا وتكوينات الدكتوراه إلى هيكلة بنيات البحث وتجميعها ودعمها، وربط البحث العلمي والتعليم الجامعي بالمحيط السوسيو-اقتصادي للجامعات والحاجيات الوطنية والجهوية ذات الأولية، زيادة على تكريس الشفافية وتكافؤ الفرص بين الباحثين، (دون هذا كله) فإنه يبقى إدماج البحث العلمي في تنمية المجتمع أمرا صعب المنال”.
تبعا لذلك، لفت المتحدث إلى أن العوامل السابقة تجعل من “احتلال مواقع محترمة في الترتيب العالمي للجامعات من الأماني المعسولة بعيدة المنال”، مضيفا أن “من أسباب الضعف أيضا، نجد أن البحث العلمي مازال حبيس الاشتغال الفرداني لدى كثير من الباحثين؛ إذ لم نستطع التأسيس لعمل تشاركي بين الباحثين أنفسهم بتجاوز العقليات والذهنيات الأنانية في البحث العلمي”.