يستمر وجود المغرب من بين الدول التي تصنفها منظمة العفو الدولية “أمنستي” ضمن الدول التي لا تطبق عقوبة الإعدام في الواقع الفعلي، إلى جانب الجزائر وتونس. وهي دول “يعتقد أن لديها سياسة أو ممارسة راسخة قوامها عدم تنفيذ عمليات الإعدام”.

جاء هذا في التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية “أمنستي” حول “أحكام وعمليات الإعدام في 2020″، وسجل أن المغرب من بين الدول التي سجلت فيها حالات تخفيف أحكام الإعدام أو العفو عنها، مع تسجيل حكم جديد بالإعدام سنة 2020 بالمملكة، واستمرار عدم تنفيذ أي حكم بالإعدام منذ سنة 1993.

وتحدث تقرير “أمنستي” عن تخفيف الملك محمد السادس حكمين بالإعدام إلى السجن مدى الحياة في احتفالات عيد العرش.

وذكر التقرير أن منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط قد عرفت انخفاض عمليات الإعدام المنفذة إلى أدنى مستوياتها منذ عقد، بنسبة 25 في المائة؛ فيما انخفضت أحكام الإعدام الصادرة بنسبة 11 في المائة مقارنة بسنة 2019.

وحول قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن وقف استخدام عقوبة الإعدام، سجلت المنظمة أن المغرب من بين الممتنعين عن التصويت على القرار سالف الذكر، مع 23 دولة أخرى؛ في حين عارضته 38 دولة من بينها الولايات المتحدة الأمريكية واليابان والكويت ومصر وإيران، وأيدته 123 دولة من بينها الجزائر وتونس ولبنان وماليزيا وروسيا.

ومغاربيا، صدر، حسب المصدر ذاته، حكم واحد على الأقل بالإعدام في الجزائر، فأصدرت محكمة جنايات عنابة حكما بإعدام رجل، في شهر يناير، بعد إدانته بقتل زوجته السابقة. كما نشرت السلطات الجزائرية، في ماي 2020، مسودة دستور جديد، نصت المادة 38 منه على أن “الحق في الحياة لصيق بالإنسان (…) ولا يمكن أن يحرم أحد منه تعسفيا”، وهي مادة ترى “أمنستي” أنها “لم تكفل بالكامل الحق في الحياة، وسمحت فعليا باستخدام عقوبة الإعدام في الحالات التي ينص عليها القانون”.

وسجلت تونس 8 أحكام إضافية بالإعدام، علما أنها لم تنفذ أي عملية إعدام منذ سنة 1991. كما ذكر التقرير أن الرئيس قيس سعيد قد عبر عن موقف مؤيد لاستئناف تنفيذ عمليات الإعدام، عقب مقتل فتاة في عين زغوان.

وخلال سنة 2020، أعدِم 483 شخصا على الأقل، وهو أدنى رقم سجلته منظمة العفو الدولية على مدى عقد من الزمن. واستأثرت أربع دول بعدد الإعدامات المعروفة، وهي إيران التي سجلت 246 إعداما على الأقل، ومصر التي عرفت 107 إعدامات على الأقل، والعراق التي شهدت 45 إعداما على الأقل، والسعودية التي سجلت 27 عملية “قتل رسمي”.

وتذكر “أمنستي” أن “ما يثير الصدمة أكثر”، في تقريرها حول عام 2020، هو أن “جميع عمليات إعدام النساء التي تم تسجيلها نفذت في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”.

ومن بين انتهاكات القانون والمعايير الدولية في الحكم بعقوبة الإعدام تقول “أمنستي” إن هناك أشخاصا من ذوي الإعاقات العقلية، النفسية والاجتماعية، محكوم عليهم بالإعدام في بلدان عديدة، بما في ذلك اليابان وجزر المالديف وباكستان والولايات المتحدة الأمريكية. كما صدرت أحكام بالإعدام عقب إجراءات لم تستوف المعايير الدولية للمحاكمة العادلة في بلدان؛ من بينها البحرين وبنغلاديش ومصر وإيران والعراق وماليزيا وباكستان والسعودية وسنغافورة وفيتنام واليمن.

كما تذكر منظمة العفو الدولية أنه قد استخدمت في الإدانة بالإعدام “اعترافات” قد تكون منتزعة تحت وطأة التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة السيئة، في إيران ومصر والسعودية والبحرين.

وتعددت أساليب الإعدام خلال سنة 2020 بين الشنق والحقنة المميتة والرمي بالرصاص، فيما انفردت الولايات المتحدة الأمريكية بالإعدام باستعمال الصعق الكهربائي، وانفردت المملكة العربية السعودية بالإعدام بقطع الرأس.

ويسجل التقرير أن عام 2020 قد اتسم بمزيد من التراجع العالمي في استخدام عقوبة الإعدام، وفي حين أسهمت جائحة “كورونا” في انخفاض عدد الإعدامات المنفذة وأحكام الإعدام الصادرة، إلا أنها “فاقمت القسوة المتأصلة في هذه العقوبة”.

وبينما “كافح العالم للحد من انتشار الفيروس وحماية أرواح الناس”، سجل التقرير “زيادات مقلقة للغاية في اللجوء إلى عمليات الإعدام في بعض الدول”؛ مضيفا: زادت مصر أرقامها السنوية بما يزيد عن ثلاثة أضعاف؛ في حين سمحت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب باستئناف عمليات الإعدام الفيدرالية في الولايات المتحدة الأمريكية، ليعدم في النهاية 10 رجال على مدى خمسة أشهر ونصف الشهر، كما استأنفت الهند وعمان وقطر وتايوان “عمليات القتل الرسمية”.

وتعتقد منظمة العفو الدولية أن آلاف عمليات الإعدام قد جرت في الصين؛ لكن الأرقام ظلت سرا من أسرار الدولة، مع وجود حكم واحد بالإعدام “نفذ بسرعة مخيفة”.

تجدر الإشارة إلى أن منظمة العفو الدولية تعارض عقوبة الإعدام في جميع الحالات بدون استثناء “بغض النظر عن الجريمة أو ملابساتها، وعن كون الشخص مذنبا أم بريئا أو غير ذلك من صفاته، أو الطريقة التي تستخدمها الدولة لتنفيذ عملية الإعدام”.

وتنبه “أمنستي” إلى أنه بينما كان العالم يركز على إنقاذ الأرواح أثناء جائحة “كوفيد19″، كانت بعض البلدان “منشغلة في إزهاق الأرواح”. كما تسلط الضوء على ما حدث خلال السنة الماضية 2020، من “تصدر منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا القائمة المؤسفة للدول التي أصدرت ونفذت أحكام الإعدام”.

وتسجل منظمة العفو الدولية أن مسيرة العالم قد استمرت بلا انقطاع نحو الإلغاء العالمي لعقوبة الإعدام، على الرغم من بعض النكسات والتحديات الإضافية المتعلقة بتفشي جائحة “كورونا”؛ وهو ما يستدعي، وفقها، “اتخاذ مزيد من الخطوات، على كافة المستويات، لضمان ألا يصبح 2021 العام الذي يهدر فيه كل هذا التقدم”.

hespress.com