عمدت القوات البحرية الملكية المغربية، في السنوات الأخيرة، إلى تأنيث مجموعة من التشكيلات العسكرية، بعدما أثبتت المرأة جدارتها في مختلف المجالات الحياتية؛ ضمنها القطاع العسكري، الذي صار يعرف إقبالا كبيرا من لدن النساء المغربيات الطامحات إلى الدفاع عن حوزة الوطن.

النموذج من القاعدة البحرية الأولى بمدينة الدار البيضاء التي اندمجت فيها مجموعة متألقة من نساء البحرية الملكية، اللائي أنهين فترة التكوين والتدريب بمركز تكوين البحرية، ليشرعن بعدها في ممارسة المهام الرسمية المتعلقة بتعزيز الأمن البحري والدفاع عنه.

كوكبة من النساء المغربيات يباشرن مهامهن كل صباح بروح وطنية عالية وديناميكية عسكرية متواصلة، حيث يشتغلن في ورشات متنوعة تُعنى بالصيانة الدورية للسفن الحربية. كما يعملن، أيضا، داخل مراكز العمليات الكائنة بالسفن العسكرية.

صيانة الوحدات القتالية

قبل انطلاقة السفن الحربية صوب أعالي البحار المغربية لا بد من التحقق من سلامتها التقنية، وهو ما يتم داخل ورشات عملياتية متعددة، أبرزها قسم المحركات الذي تشتغل ضمنه الرقيب مريم الحمراء، البالغة من العمر 20 سنة، حيث تتمثل مهمتها في صيانة أنظمة الدفع للوحدات القتالية البحرية.

وفي هذا الصدد، تقول الرقيب، وهي التقنية المسؤولة عن صيانة وسائل الدفع للوحدات القتالية البحرية الملكية: “أشتغل مع فريق مؤطر من طرف ضابط مسؤول عن الصيانة الكاملة لمولد الطاقة الخاص بإحدى دوريات أعالي البحار”، قبل أن تزيد بالشرح: “أوجد، حاليا، في مرحلة مراقبة المقاييس التي تتم عبر أدوات القياس، الخاضعة للمعايير المعمول بها عمليا”.

صناعة القطع التقنية

غير بعيد عن ورشة المحركات، توجد ورشة أساسية تتعلق بالآلات والصناعة الميكانيكية، التي تضم كفاءات نسائية وطنية في مجال آلات صيانة السفن الحربية؛ بينها الرقيب الأول حسناء غدو، المكلفة بصناعة القطع الموجهة إلى الوحدات القتالية للبحرية الملكية.

وفي أثناء زيارتنا للورشة التقنية، وجدنا غدو منهمكة في آلة مخرطة المعادن. وحينما سألناها عن حيثيات الوظيفة، أفادت بأن “الطاقم يشتغل حالياً على مخرطة تعمل بنظام الحاسب الآلي، بهدف صناعة قطع الزنك التي من شأنها حماية الهياكل الحديدية من التآكل”.

ترسيخ المدارك النظرية

أوراش الأسطول البحري تكون موجهة كذلك إلى تلميذات مركز تكوين البحرية الملكية بمدينة الدار البيضاء، بغرض إغناء المدركات النظرية التي يتم تلقيها في قاعات التدريس؛ ومن ثمّ تدعيم الخبرة الميدانية والمهنية لهؤلاء التلاميذ بعد التخرج.

إحدى نساء البحرية اللائي التقينا بهنّ هي ضابط الصف نزهة البودالي، التي تتابع دراستها في السنة الثالثة بمركز تكوين البحرية الملكية، إذ تحدثت لنا عن طبيعة التكوين التطبيقي بالقول: “نوجد بورشة أنظمة المعلومات والاتصالات لأوراش أسطول الوسط، قصد متابعة تكوين تطبيقي يرمي إلى ترسيخ المعارف النظرية في مجال الاتصالات السلكية واللاسلكية”.

الدفاع عن الأمن البحري

ابتعدنا قليلا عن الورشات التقنية باتجاه الجانب العملياتي للسفن الحربية، حيث رافقنا فرقاطة “محمد السادس” خلال إحدى جولاتها داخل المياه الإقليمية، حيث شهدنا تدريبا ميدانيا ذا صلة بمركز العمليات، التي تشتغل داخله الملازم الأول نهاد فيلالي بابا، بوصفها نائب رئيس قسم خدمة الحرب المضادة للغواصات.

وبخصوص المهام المنوطة بها، أفادت الملازم الأول بأن دورها يتمثل في قيادة العمل بهذا المجال الدفاعي، من خلال اقتراح فترة المناورة، وكذا الوضع الذي ينبغي اتخاذه تجاه رئيسيْها، المتجسدين في قائد الباخرة وضابط عمليات المراقبة، مع الحرص على مراعاة أداء المعدات في علاقة بعلم المحيطات.

وأكدت المسؤولة ذاتها، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنها تكون على تواصل دائم مع فريق العمل، فضلا عن التنسيق المتواصل مع قادة العمليات، بغية تحديد أمثل الإجراءات المساهمة في نجاح العمليات، ثم توقفت عند ذلك بإيرادها أن مجال الدفاع أساسي للغاية فيما يتعلق بقدرات الوحدة، ومهماتها أثناء الحرب ضد الغواصات.

hespress.com