تعيش مدينة طاطا أياما استثنائية على امتداد الأسبوع الماضي، فالاحتقان لم يعد مرتبطا فقط بشكاوى منزلية بسبب كورونا، بل تحول إلى مسيرة احتجاجية، عقب متابعة مغتصب طفلة في ربيعها السادس في حالة سراح، ما ولد موجة غضب عارم بالمنطقة.

واستغربت فعاليات حقوقية متفرقة قرار القاضي متابعة الجاني في حالة سراح، رغم فداحة الفعل، مطالبة بضرورة تمتين معارف القضاة على المستوى الحقوقي كذلك، وليس قانونيا فقط، من أجل الإحاطة بجميع جوانب كثير من الملفات المماثلة.

ويتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي عريضة وصلت إلى 50 ألف موقع، تطالب بمزيد من الصرامة في تدبير القضية قضائيا، وإعادة فتح الملفات الكثيرة التي شهدت تساهلا مع الجناة، بسبب تنازل أولياء الأمور، أو عدم وصول الواقعة إلى الإعلام.

وقال عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، إن “قرار متابعة الجاني في حالة سراح يعطي الانطباع وكأن القضاء يتساهل مع هؤلاء المجرمين، وفي الحقيقة الأمر أعمق من ذلك بكثير، فعملية تكييف التهم وتقدير الفعل الجرمي تخضع لقراءة قانونية ضيقة، إلى درجة يبدو وكأننا أمام عملية تقنية مجردة”.

وأضاف الخضري أن “الأمر يتعلق بالتصور وبالمنهجية وبفلسفة التقاضي؛ فحين يتم تجريد القضية من البعد الإنساني والحقوقي، ولا تتم محاسبة أداء القاضي إلا في حدود شكليات المسطرة والقراءة السطحية للقوانين، نسقط في مثل هكذا فظاعات، تنطوي في الجوهر على استسهال الجرائم التي يكون ضحاياها لا حول لهم ولا قوة، بل لا قيمة لهم للأسف في ميزان التقاضي إلا بمنزلة المطالب بالحق المدني”.

ويردف المصرح لهسبريس: “قد تضيع الحقوق لمجرد هفوات مسطرية شكلية. يجب تلقين القضاة أسس ومبادئ حقوق الإنسان، وتحسيسهم بأن المظلومين، مهما كانت هشاشة وضعيتهم، فإنهم أمام العدالة ليس لديهم من سند إلا الله تعالى وضمير القاضي”.

وأشار الخضري إلى أهمية إحداث صيغة أكثر نجاعة، مثل إحالة مثل هذه القضايا على لجنة قضاة متخصصة، مع إلزام القضاة بضرورة استحضار المبادئ الكونية لحقوق الإنسان، بدل الاستخفاف بها والاستخفاف بالدور المنوط بهيئات حقوق الإنسان، التي غالبا ما يلجأ إليها الضحايا.

وتأسف الفاعل الحقوقي لعدم اكتراث بعض القضاة بالجمعيات الحقوقية، مشددا على وجود أزمة نجاعة في القضاء ببلادنا؛ “والنجاعة تعني تحقيق الإنصاف والعدالة على النحو الذي يحقق الردع للجاني، ويشعر المواطن بالأمن القضائي في بلده”، خاتما: “هذه النجاعة ضعيفة جدا في واقع الأمر”.

hespress.com