يزداد الضغط على الحكومة بعد خروج آلاف الأساتذة المتعاقدين إلى الشارع للمطالبة بالإنهاء الفوري لنظام “العقدة” وإدماجهم في الوظيفة العمومية؛ بينما لا تريد المصالح الحكومية فتح باب التفاوض حول هذا المطلب.
كما أنها لا تفكر في التراجع عن “الاشتغال بنظام العقدة”، الذي أعطى نتائج “مقنعة”، بحسبها؛ فيما تحاول الأطر التعليمية الضغط بإفراغ المدارس والأقسام.
ويأتي تصعيد الأساتذة في وقت تدعي فيه الحكومة أن الوضع الاقتصادي “صعب” بسبب تداعيات “كورونا”؛ وهو ما أدى إلى إلغاء مجموعة من مناصب الشغل في عدد من القطاعات الحكومية الحيوية، فيما يطالب الأساتذة المحتجون بتغيير الإطار وإلغاء نظام “التعاقد” الذي يهدد استقرارهم الاجتماعي.
وخرج أساتذة متعاقدون إلى شوارع العاصمة الرباط في احتجاجات عارمة، للمطالبة بإسقاط نظام “العقدة” المعتمد حاليا في التعليم؛ بينما اختارت المصالح الأمنية “الحزم” في مواجهة الأعداد الغفيرة للأساتذة الذين قدموا من كل جهات المملكة، في وقت ترفض فيه وزارة التربية الوطنية فتح قنوات الحوار مع الأطر التعليمية الغاضبة، بمبرر عدم وجود صيغة توافقية للحل.
وعلى الرغم من سلسلة الحوارات الماراثونية بينهما، فإن الوضع لا يزال ثابتا بين الوزارة والمتعاقدين؛ فيما يظل الهاجس الأكبر للمسؤولين هو استمرار التحاق الأفواج الجديدة بالاحتجاجات، ما يصعب مأمورية حل الملف، كما يوسع دائرة الرافضين.
وتخوض تنسيقية الأساتذة المتعاقدين، منذ ما يقرب الأربع سنوات، احتجاجات قوية تطالب من خلالها بالإدماج ضمن الوظيفة العمومية؛ لكن الوزارة المعنية تصر على أن نظام العقدة هو “خيار دولة” لا محيد عنه، وقد جاء من أجل تجويد المنظومة التعليمية. كما يسعى “الأساتذة أطر الأكاديميات” إلى الضغط على الحكومة.
محمد حركات، أستاذ المالية العامة بجامعة محمد الخامس بالرباط، قال بأن “نظام العقدة” الذي اعتمدته الدولة يمثل خطأ جسيما وإستراتيجيا، ولن يعطي النتائج المنتظرة؛ لأن له تأثيرات ظرفية وليست ثابتة، مرتبطة بتجاوز الخصاص”، مبرزا أن “الدولة لم تصل بعد مرحلة مأسسة “التعاقد” التي وصلتها بعض الدولة المتقدمة. هناك خصاص على مستوى الموارد البشرية؛ لكن ينبغي ضمان الاستقرار الاجتماعي للمدرسين”.
وأوضح حركات، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “العلاقة المبنية بين الدولة والمدرس هي علاقة “مدنية” يحكمها عقد غير قار، وخروج المدرسين إلى الشارع للاحتجاج هو تعبير عن رفضهم لهذا العقد الذي يهدد استقرارهم الاجتماعي؛ لكن رد السلطات كان غير مقبول، فلا يمكن للمغرب الذي قطع أشواط كبيرة في الديمقراطية أن تقمع سلطاته بتلك الطريقة الأساتذة المحتجين”.
وشدد الجامعي المتخصص في الاقتصاد على أن “هناك إمكانية لإيجاد حل لهؤلاء المحتجين من خلال إدماجهم في أسلاك الوظيفة العمومية، إذ لا يجب التفكير في الموازنة والكلفة؛ بل يجب أن تكون هناك مقاربة اجتماعية داخل الدولة تضمن استقرار هؤلاء الأساتذة”، مبرزا أنه “قبل الجائحة كان هناك منطق للسوق، الآن هناك مسؤولية اجتماعية والظروف قد تغيرت مع الجائحة”.
وفي هذا الصدد، أوضح حركات أن “المشاريع الإصلاحية، بما فيها التعاقد، كلها تم إقرارها قبل الجائحة، ولا بد أن تخضع للمراجعة بسبب ظهور مقاربات جديدة أفرزتها جائحة “كورونا”، مبرزا أن “هناك مشكل ثقة بين الوزارة المعنية والأساتذة، وبالتالي وجب توفير أجواء الهدنة والعمل على إدماج هؤلاء عبر مراحل على أن تكون الأسبقية للأفواج الأولى”.