
موازاة مع انعقاد الدورة السادسة والأربعين لمجلس حقوق الإنسان بجنيف، التي انطلقت يوم 22 فبراير الماضي، وفي وقت يطمح المغرب إلى نيْل مقعد في المجلس المذكور، دعا الائتلاف المغربي ضد عقوبة الإعدام الحكومةَ إلى استحضار مسألة إلغاء هذه العقوبة كعامل مساعد على الظفر بالمقعد.
واستدمج الائتلاف المذكور عددا من العناصر لحثّ الحكومة على المُضي قُدمها في إلغاء عقوبة الإعدام، وذلك في رسالة وجهها إلى سعد الدين العثماني؛ فعلاوة على الشقّ المتعلق بالتزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الإنسان، نبّه كذلك إلى أنّ الحكومة لم تعمل بعد على تنزيل المادة 20 من دستور المملكة، المتعلقة بالحق في الحياة.
وتنص المادة 20 من دستور 2011 على أنّ “الحق في الحياة هو أول الحقوق لكل إنسان.. ويحمي القانون هذا الحق”. ويرى مناهضو عقوبة الإعدام أن هذا الفصل يعني، عمليا، الدعوة إلى إلغاء عقوبة الإعدام، بينما ترى الحكومة أنّ هذا الاستدلال خاطئ، كما سبق أن صرّح بذلك وزير الدولة الحالي مصطفى الرميد، حين كان وزيرا للعدل والحريات.
عكس ذلك، قال عبد الإله بنعبد السلام، عضو الائتلاف المغربي ضدّ عقوبة الإعدام، في تصريح لهسبريس، إنّ القول بأنّ الاستناد إلى الفصل 20 من الدستور للمطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام غير صحيح “تفسير لا يتماشى مع منظومة حقوق الإنسان، بل مع المرجعية التي تؤيد الإبقاء على عقوبة الإعدام”، في إشارة إلى مرجعية حزب العدالة والتنمية.
وجوابا عن سؤال حول ما إنْ كان وجود حزب العدالة والتنمية على رأس الحكومة يُعيق مصادقة المغرب على البروتوكول الاختياري المتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام، قال بنعبد السلام إن الحزب المتزعم للتحالف الحكومي “يشكّل عنصرا مساعدا للإبقاء على العقوبة، ولكنّ الموضوع بشكل عام تتحكم فيه الدولة”.
وتعززت آمال مناهضي عقوبة الإعدام في إمكانية إلغاء الدولة لهذه العقوبة عقب انعقاد المنتدى الدولي لحقوق الإنسان بمراكش سنة 2014، حيث تضمنت الرسالة الملكية الموجهة إلى المشاركين دعوة إلى توسيع النقاش حول إلغاء عقوبة الإعدام، مع مطالبة المجلس الوطني لحقوق الإنسان من جهته بإلغائها، لكن الحكومة لم تبادر إلى اتخاذ أي خطوة في هذا الاتجاه.
وذهب الائتلاف المغربي ضد عقوبة الإعدام إلى القول إنّ الحكومة “مازالت تتعامل مع الحق في الحياة معاملة غير دستورية”، متهما إياها بالانحياز “لثقافة حزب الأغلبية وفرضها على كل مكونات الحكومة، والتصرف مع المواثيق الكونية لحقوق الإنسان دون مستوى ما تنص عليه”.
وأشارت الهيئة ذاتها إلى أنّ ترشح المغرب لعضوية مجلس حقوق الإنسان يستدعي من الحكومة “أن ترقى إلى مستواها ومستوى البروتوكولات الدولية والإقليمية ذات الصلة بإلغاء عقوبة الإعدام”.
وأشار بنعبد السلام إلى أنّ المؤسسات الرسمية المَعنية بحقوق الإنسان نفسُها نادت بإلغاء عقوبة الإعدام، إذ طالبت هيئة الإنصاف والمصالحة، في تقريرها الختامي الذي صادق عليه الملك، بالمصادقة على البروتوكول الاختياري لإلغاء العقوبة.
وأضاف المتحدث ذاته أنّ رئيس الهيئة الراحل إدريس بنزكري كان قد صرّح بأنّ البرلمان المغربي سيصادق على التشريعات الممهّدة للمصادقة على البروتوكول الاختياري المذكور، لكن ذلك لم يتمّ، إذ ظل الموضوع يراوح مكانه بعد وفاة إلى الآن.
ورغم أن المغرب أوقف تنفيذ عقوبة الإعدام منذ سنة 1993، “إلا أن هذا لا يكفي، لأنّ أحكام الإعدام مازالت تصدر عن المحاكم المغربية، والمطلوب هو المصادقة على البروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام”، يقول بنعبد السلام.