شهدت عدد من مؤسسات التعليم العالي المتخصصة في تكوين المهندسين منذ بداية السنة الدراسية الحالية عددا من الأشكال الاحتجاجية من طرف الطلبة، كان آخرها الإضراب الذي يخوضه طلبة المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية لمدة أربعة أيام.

ات الطلبة المهندسين وإن اختلفت أسبابها، أصبحت تسائل جودة التكوين في هذا المجال، وهو من أبرز المطالب التي رفعها طلبة “ENSA”، حيث يطالبون بعقلنة أعداد مقاعد الولوج إلى المؤسسة وملاءمتها مع الإمكانيات اللوجستيكية المتوفرة.

الاتحاد الوطني للمهندسين المغاربة نبّه بدوره إلى إخضاع إحداث مدارس وطنية للعلوم التطبيقية جديدة، وزيادة أعداد الطلبة الوالجين إليها، إلى دراسة الجدوى، حتى لا يؤثر ذلك سلبا على جودة التكوين وقيمة الدبلوم، وكذا زيادة بطالة المهندسين.

واعتبر الحسين الموخي، الكاتب العام للاتحاد الوطني للمهندسين المغاربة، في تصريح لهسبريس، أن المطلوب حاليا هو الانكباب على تجهيز المدارس الوطنية للعلوم التطبيقية الموجودة، وعددها 13 مدرسة، بالتجهيزات الضرورية، قبل التفكير في إحداث مدارس أخرى.

واستدل المتحدث بالمدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية ببني ملال كنموذج لعدم نجاعة إحداث مؤسسات دون تجهيزها بشكل جيد، قائلا: “هذه المدرسة موجودة على الورق، لكنها عمليا غير موجودة، والطلبة موزعون بين مؤسسات أخرى، لذلك لا يُعقل أن يستمر بناء مؤسسات جديدة قبل تأهيل البنايات الموجودة”.

وحذّر الاتحاد الوطني للمهندسين المغاربة من التداعيات الوخيمة لعدم تجهيز المدارس الوطنية للعلوم التطبيقية على جودة التكوين، داعيا إلى وضع حد للنقص الحاد في المعدّات والمرافق الأساسية والأساتذة والمكتبات، لتكوين مهندسين أكفاء قادرين على مسايرة التطور التقني والعلمي والتكنولوجي، ومواكبة التحديات الوطنية والعالمية.

الاختلالات التي تعرفها منظومة تكوين المهندسين في المغرب لا تقتصر فقط على المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية، حيث أوضح الحسين الموخي أن هناك معاهد ومدارس عليا لتكوين المهندسين في المغرب لا تتوفر حتى على قاعاتِ الأعمال التطبيقية، رغم أهميتها القصوى في عملية التكوين.

وحتى في حال وُجدت هذه القاعات، يردف المتحدث، فإنها لا تتوفر على تجهيزات كافية، أو تكون مجهزة بتجهيزات قديمة، وزاد متسائلا: “كيف يمكن مواكبة التطور التكنولوجي المتسارع الذي يشهده العالم في ظل هذه الوضعية؟ لا يمكن الحديث عن مهندس متمكّن إذا لم يكن مسايرا لعصر الرقمنة”.

وانتقد الكاتب العام للاتحاد الوطني للمهندسين المغاربة كذلك إنشاء معاهد تكوين المهندسين في فضاءات غير ملائمة للتكوين في هذا المجال وتفتقر إلى أبسط شروط البنية التحتية المطلوبة وإلى المرافق الأساسية، قائلا: “لا يُعقل أن ننشئ معهدا لتكوين المهندسين في عمارة”.

وشدد المتحدث على أن إخراج تكوين المهندسين من الأزمة التي يتخبط فيها حاليا، يقتضي إعادة النظر بشكل شامل في التكوين الهندسي بالمغرب، معتبرا أن النهوض بهذا القطاع يتطلب إرادة سياسية حقيقية من طرف المسؤولين، ثم فتح حوار وطني تُستدعى إليه جميع الأطراف التي لها علاقة بالقطاع الهندسي، من المؤسسات العمومية والخواص والمهنيين.

hespress.com