تعيش الهيئة الوطنية للعدول على وقع خلافات بالتزامن مع اقتراب انتخاباتها، وسط اتهامات لقيادتها بالزج بها في صراعات سياسية، وجعلها تابعة لحزب سياسي معين، بينما يرفض رئيسها هذا الاتهام، ويقول إن الهيئة مستقلة عن أي توجه سياسي.

“تسييس” الهيئة الوطنية للعدول أشار إليه عبد الغفور حجي، المرشح لرئاستها، في رسالة أعلن فيها انسحابه من السباق الانتخابي، ودعا من خلالها زملاءه إلى “التقليص ما أمكن من الصراعات والانقسامات التي يدفع إليها البعض، بما في ذلك جر المهنة للحسابات السياسوية الخانقة، والتشتيت من أجل الهيمنة”، وفق تعبيره.

وذهب حجي في رسالة بعنوان “رسالة لمستقبل مهنة التوثيق العدلي”، وجهها إلى زملائه العدول، إلى القول إن الهيئة الوطنية للعدول تواجه “محاولة التلوين الحزبي”، مشيرا إلى نقاط قال إنها تؤكّد هذا التوجه، وفي مقدمتها ما سماه “التسرّع المتهافت في التوقيع على اتفاق التغطية الصحية، بشكل ومضمون جعلاه مشكلا إضافيا للسيدات والسادة العدول عوض أن يكون حلا”.

ورفض حجي الإفصاح عن الحزب السياسي الذي قال إن هناك محاولة لتلوين الهيئة الوطنية للعدول بألوانه، غير أن مصدرا آخر من الهيئة على خلاف مع المكتب المسيّر لها قال لهسبريس إن الأمر يتعلق بحزب العدالة والتنمية المتزعم للتحالف الحكومي.

وذهب المصدر ذاته إلى القول إن وجود خالد العثماني، شقيق سعد الدين العثماني، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، على رأس المجلس الجهوي للعدول باستئنافية أكادير، جعل مسؤولي الهيئة يسرعون في إخراج اتفاقية التغطية الصحية، على اعتبار أن “حزب المصباح” هو المشرف على هذا الورش من خلال وزارة الشغل والإدماج المهني منذ الولاية الحكومية السابقة.

في المقابل رفض بوشعيب فضلاوي، رئيس الهيئة الوطنية للعدول، وجود أي علاقة بين الهيئة وبين حزب العدالة والتنمية أو أي حزب سياسي آخر، وقال في تصريح لهسبريس: “حين جاء مشروع التغطية الاجتماعية للمستقلين طرقنا جميع الأبواب لكي نسرّع عملية تمتيع السادة والسيدات العدول بها، ونحن نتعامل مع الوزارات من منطلق اختصاصاتها، وليس بخلفية الانتماء السياسي للوزراء”.

وأضاف المتحدث ذاته: “حاليا نعمل على إخراج مرسوم تحديد أتعاب العدول، فهل إذا توجهنا إلى وزارة المالية، باعتبارها القطاع الحكومي المختص، يعني ذلك أننا نريد تلوين الهيئة بألوان حزب التجمع الوطني للأحرار، وهل ذهابنا إلى وزارة العدل يعني أننا ننتمي إلى حزب الاتحاد الاشتراكي.. هذه مقاربة غريبة”.

وأفاد فضلاوي بأن اتفاقية التغطية الصحية للعدول جرى التوافق عليها بحضور رؤساء المجالس الجهوية، مضيفا: “الغريب في الأمر أن هناك مَن حضر توقيع الاتفاقية وينتقدها، والحال أنّ عليهم أن يصفقوا لها لأنه أصبحت لدينا تغطية في وقت مازالت فئات أخرى من المستقلين لم تحصل عليها بعد”؛ بينما قال عبد الغفور حجي إن العدول “لم يُشرَكوا في اتخاذ قرار توقيع اتفاقية التغطية الصحية التي كانت ضربة قوية لنا”.

وآخذ المتحدث ذاته على مسيري الهيئة الوطنية للعدول “الاستفراد بالقرار داخل الهيئة”، على حد تعبيره، ذاهبا إلى القول: “لا يتم إشراك حتى أعضاء المكتب التنفيذي في اتخاذ القرار.. أنا كنت رئيسا للجنة العلاقات الخارجية والتواصل واتُّخذت قرارات لم أشارك فيها، وهذا إقصاء واضح”.

حجي قال أيضا إن برنامج عمل الهيئة التي تشرف ولايتها الحالية على الانتهاء “لم تُنفّذ فيه أي نقطة، فلمْ يخرج القانون المنظم للمهنة، ولم يخرج المرسوم المحدد للأتعاب، ولم تتم رقمنة المرفق العدلي، بل لم يتمّ عقد ولو مناظرة رقمية لمناقشة وضعية مهنتنا؛ وهذا يبيّن غياب المصلحة العامة عند من يسير الهيئة”، على حد قوله.

وفي المقابل نفى رئيس الهيئة الوطنية للعدول، بوشعيب فضلاوي، وجود “استفراد بالقرار” من طرفه، وزاد موضحا: “لا نتخذ أي قرار إلا إذا حصل بشأنه إجماع داخل المكتب التنفيذي، وما يدّعيه بعض الإخوان لا أساس له”.

hespress.com