جدل سنوي يتجدد بشأن جودة الإنتاجات الفنية المعروضة على القنوات التلفزيونية العمومية في زمن جائحة “كورونا”، حيث انتقد كثيرون تكرار الوجوه والمضامين نفسها ببعض “الأعمال الرمضانية”؛ فيما يتم “تهميش” قامات تمثيلية راكمت رصيدا فنيا جدير بالثناء عبر مشوارها الطويل.
ونالت الأعمال الكوميدية قسطا وافرا من الانتقاد الحاد من لدن نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، بدعوى عدم توفقها في معالجة الإشكالات المجتمعية الراهنة من جهة، وضعف الكتابة الموجهة لهذا القالب الفني من جهة ثانية؛ ما دفع كثيرين إلى مقاطعة إنتاجات القنوات التلفزيونية لهذه السنة.
وطالت الانتقادات كذلك، بحسب تفاعلات المنصات الرقمية، الممثلات غير المجربات اللائي يتم جلبهن من مجالات أخرى لا علاقة لها بالفن؛ بينما لا تتم المناداة على أهل المهنة الذين تلقوا التكوين النظري والعملي في ميدان التشخيص الفني.
وفي مقابل استهجان فئة معينة من المغاربة للإنتاجات الرمضانية، أشادت فعاليات تمثيلية مختلفة بالمستوى الفني لهذه السنة بالمقارنة مع السنوات الفارطة، بحجة أن جودة الكتابة والتشخيص قد تطورت بشكل نسبي، مؤكدة أيضا أن المنتقدين الحاليين يشاهدون الأعمال المعروضة في الآن نفسه.
ومن وجهة نظر الناقد الفني أحمد بوغابة، فإن المغاربة يناقشون ذات المواضيع كل سنة، من قبيل “الساعة الإضافية” والدخول المدرسي والعطل والبرامج الرمضانية؛ فيما يظل التجاوب الرسمي من لدن الجهات المختصة “غائبا”، ما يدفع تلك الشرائح إلى تكرار الانتقادات الموسمية.
وأوضح بوغابة، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الخطاب المتكرر يدل على غياب التقدم الفعلي على أرض الواقع؛ لأننا نناقش المواضيع نفسها دون أي جديد”، ثم زاد: “في الحقيقة، لم أعاد أشاهد الإنتاجات الرمضانية منذ سنوات، وهو موقف شخصي يلزمني فقط، بعد مقاطعتي النهائية للتلفزيون، حيث توجهت صوب عالم الأنترنيت الذي أختار فيه الأعمال التي تتماشى مع قناعتي بحكم المهنة التي أزاولها”.
وشدد الناقد الفني على أن “الدولة لا تتجاوب بالشكل المطلوب مع تلك الانتقادات السنوية، ما يؤدي إلى تكرار الأسطوانة عينها”، موردا أن “مقولة أينشتاين تنطبق على الصناعة التلفزيونية بالمغرب، التي مفادها أنه من البلادة تكرار الخطأ نفسه، وتوقع نتائج مختلفة”.
وختم بوغابة بالقول: “هذه المشاكل غير مرتبطة بقطاع الإنتاج الفني فقط، بل مردها إلى المنظومة الفكرية المغربية التي تعيش على وقع الجدل بمختلف الميادين دون استثناء، حيث يغيب التجديد المطلوب من طرف الفاعلين؛ الأمر الذي ينتج عنه الاحتجاج من لدن المتابعين”، ليخلص إلى أن “الاحتجاج ينبغي أن يوجه صوب المسؤولين عن الكوارث الحاصلة بالمغرب”.