الأحد 14 يونيو 2020 – 07:55
يستعد عدد من تلاميذ الباكالوريا هذه السنة، خلال هذه المرحلة، للامتحانات؛ وهذه الاستعدادات تتم في ظرفية خاصة، عقب أشهر من الغياب عن المدارس وضبابية المشهد التعليمي، وهذا ما أكده عدد من التلاميذ الذين تواصلت معهم هسبريس.
ربيع حدف، باحث في سوسيولوجيا التربية، يقول إنه مما لا شك فيه أن امتحان البكالوريا هذه السنة له طعم خاص، نظرا إلى الظرفية الاستثنائية التي فرضتها جائحة كورونا، “فإذا نظرنا إلى الاستعدادات التي قامت بها الوزارة الوصية كتجربة التعليم عن بعد، يتضح أننا في الطريق الصحيح لإنجاح امتحان البكالوريا، الذي يعد مرآة المنظومة التربوية، ولما له من رمزية خاصة، لكن هل استفاد كل التلاميذ من التعليم عن بعد؟ وكيف يمكن إنجاح هذه المرحلة؟ وما هي الدروس والعبر المستخلصة؟”.
ويؤكد حدف، في حديثه لهسبريس، أنه نظرا إلى الإكراه الذي فرضته جائحة كورونا، بالتأكيد سيجد التلميذ نفسه أمام ضغط نفسي هائل وفي ملتقى الطرق، لكن يمكن تجاوز هذا التحدي إذا كان المتعلم مستعدا سلفا لتدبير اللايقين الذي يتعرض له، ويمتلك المشروع الشخصي، والذي عبارة عن تنبؤ واستباق واستشراف لأفق المستقبل، حتى يستطيع تدبير هذه التناقضات التي يواجهها المتعلم.
ويتابع قائلا: “لا يجب إعداد التلميذ للامتحان فقط، بل يجب إعداده للحياة، لأن ما بعد الباكالوريا هو الأهم، لهذا وجب التخلص من عقدة الباكالوريا، أما اجتياز هذا الطقس، فهو مرحلة فقط لمسار طويل من التعقيد واللامتوقع الذي سيواجهه المتعلم. بيد أن أغلب التلاميذ مع الأسف، الذين هم في وضعية هشاشة، يعتبرون بدون أو خارج المشروع، وبالتالي هم الأكثر تأثرا باجتياز امتحان الباكالوريا في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد، خصوصا لعدم قدرة كل التلاميذ على الاستفادة من التعليم عن بعد”.
ويؤكد الباحث عينه أن “الجائحة أعطتنا الفرصة لإعادة النظر في طريقة التقويم”، مردفا: “ما يلاحظ أن استحقاق الباكالوريا صار بعبع التلاميذ، ثم أصبح الهدف من التعليم هو الإعداد للامتحان وليس للحياة، رغم أنه يجب قلب هذه المعادلة؛ هذا يدفعنا إلى إزالة النقاب واللثام والكشف عن عورة التقويم، فالتلميذ سيدخل حلبة الامتحان، وسيخضع لطقس التقويم الذي هو بمثابة علبة سوداء، إذ إن هذا التقويم يؤدي إلى هيمنة التنافس الجارف، وقد يصل إلى العداء والأنانية، فيجرد الإنسان من نفحته الإنسانية، فيتم الانتقاء الأخطر في المجتمع، بالتالي يجب أن يعاد النظر في التقويم، وأن تقتصر الأسئلة على الكيف بدل الكم، وتراعي الإكراهات النفسية والاجتماعية التي فرضها هذا الفيروس التاجي، فضلا عن هذا، يجب الانتباه إلى سيكولوجية ومزاج الأستاذ ودرجة تسامحه”.
ويتابع: “لهذا نتمنى في هذه السنة الاستثنائية ألا ترتكز أسئلة امتحان الباكالوريا على الحفظ والاستظهار، لكي لا يتم قتل الإبداع. فكما هو معلوم، سيتم اجتياز الامتحان في القاعات الرياضية والأماكن الفسيحة من أجل تحقيق التباعد الاجتماعي، لهذا ستلعب أسئلة الامتحان دورا حاسما”.
ويؤكد حدف أنه لإنجاح هذه المرحلة الحساسة، يتطلب الأمر انخراط كل الفاعلين، بدءا من حارس بوابة المدرسة ثم الأسرة والأساتذة… وذلك بتوفير المناخ العام الذي يضمن اجتياز الامتحان في بيئة ملائمة، تستحضر مبدأ الإنصاف وتكافؤ الفرص، مع الأخذ بعين الاعتبار الأبعاد النفسية والاجتماعية والثقافية.