بين إلحاح أساتذة “التعاقد” على التصعيد وترك الأقسام فارغة والتوجه رأسا إلى الشارع وبين رفض وزارة التربية الوطنية فتح قنوات الحوار مع الأطر التعليمية المحتجة، وجد التلاميذ أنفسهم في مواجهة تبعات “الوضع الجديد”، الذي بات يهدد مسارهم التعليمي، في ظل هدر الزمن المدرسي؛ بينما انتقد فاعلون تربويون استغلال التلاميذ في احتجاجات “فئوية”.
ويرفض هؤلاء الأساتذة، الذين تعرضت مسيرتهم الأسبوع الماضي لتدخل “عنيف” من قبل السلطة، “مخطط التعاقد الذي لا يهدف بالبث والمطلق إلى تجويد المدرسة العمومية ولا حتى عن الجهوية العوجاء التي اتخذتها الحكومة العليلة ذريعة لإقناع عموم الشعب، بل هو تكريس للميز بين مكونات المدرسة والزج بها في تشكيلات لا متناهية من الأطر بعيداً عما نهجته كل الدول الجادة في إصلاح المنظومة”.
ومنذ يومين، خرج عشرات التلاميذ في مختلف ربوع المملكة إلى الشوارع، للمطالبة بإسقاط “التعاقد” وضمان كرامة “الأستاذ”؛ وهي الخطوة التي رفضها فاعلون تربويون على اعتبار أن المكان الأصلي للتلاميذ هو القسم وليس الشارع، بينما يخوض الأساتذة معركة إسقاط التعاقد الذي تعمل به الحكومة منذ عام 2016.
مصطفى التاج، الكاتب الوطني للشبيبة المدرسية، أكد، في تصريح لهسبريس، أنه “كشبيبة مدرسية نعتبر أنفسنا معنيين بكل ما تعيشه منظومة التربية والتكوين ببلادنا من منعرجات، نتابع عمل القطاع الوصي، ندعمه في الخطوات التي نراها إيجابية وننتقده في الخطوات التي نراها تنعكس سلبا على المدرسة وشريحة التلاميذ”، موردا أن ”نفس الشيء تقريبا ينطبق على مختلف الفاعلين في المنظومة والمؤثرين فيها”.
وبخصوص “ما تم ترويجه مؤخرا من إقحام تلاميذ صغار في ملف الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد”، أورد الكاتب الوطني للشبيبة المدرسية أن “موقفنا ثابت من هذه النازلة”، معبرا عن تعاطفه مع “هذه الفئة من الأساتذة، ونحمل همومهم، وبقدر ما نشجع فئات التلاميذ على الانخراط العضوي والإيجابي في دينامية الحياة التلاميذية والتربوية، ونخص بالذكر هنا التلاميذ الذين تتوفر فيهم الشروط القانونية للتنظيم أو عبر ممثليهم في التنظيمات الجمعوية والمدنية”.
وتابع التاج قائلا: “نرفض بشدة إقحام تلاميذ صغار دون موافقة أهاليهم في ملفات هي أكبر منهم؛ فواجبنا جميعا، دولة ومؤسسات مدنية وفاعلين مختلفين، هو توفير التعليم الجيد الذي يضمن حقهم الدستوري في التربية والتكوين بعيدا عن جميع المشاكل التي لن تنفعهم في شيء بقدر ما سينعكس توريطهم فيها سلبا على مشوارهم الدراسي”.
وأكد المتحدث ذاته أن “الوقائع التي اطلعنا عليها تبقى معزولة وغير معروفة هي الجهات التي دعت إليها؛ لكنها تجعلنا ندق ناقوس التذكير بأن على الوزارة الوصية على القطاع الإسراع بحلحلة أزمات المنظومة بحل مشاكل مختلف فئات الأساتذة والفاعلين التربويين والتركيز الجماعي بشدة وبحزم على تقديم الخدمات التربوية لفائدة الجيل الحالي من التلاميذ والذين يتجاوز عددهم الثمانية ملايين تلميذ وتلميذة”.
من جانبه، عبر عزيز ليعيشي، “أستاذ فرض عليه التعاقد”، عن رفضه لخيار “التعاقد”؛ لأنه “يؤسس للهشاشة في المدرسة العمومية من خلال عدم ضمان الاستقرار الاجتماعي والنفسي للأساتذة والأستاذات، بحرمانهم من مجموعة من الحقوق التي يستفيد منها زملاؤهم الموظفون مع الوزارة”.
وأوضح ليعيشي أنه “تم خلق فئتين رئيسيتين بين رجال ونساء التعليم يؤديان الواجبات نفسها؛ لكن ليس لهما الحقوق نفسها (المنصب المالي الممركز، التعاقد، اجتياز المباريات الداخلية والخارجية، الحركة الوطنية وفق المذكرة الإطار،…) وكذلك باعتباره مدخلا من مداخل ضرب المدرسة العمومية بالزحف على ما تبقى من مجانية التعليم”.