بينما تتزايد نسبة الأسر النووية في المجتمع المغربي وتتقلص الأسر الممتدة، بسبب التحولات التي يشهدها المجتمع، أجمع المسؤولون المتدخلون في يوم دراسي نظمته وزارة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة، حول النهوض بكفالة الأطفال، على أهمية وضرورة الأسرة كحل لهذه الإشكالية المجتمعية.

وقالت لمياء بازير، المديرة التنفيذية للمرصد الوطني لحقوق الطفل، إنّ الحد من إيداع الأطفال في مراكز الحماية الاجتماعية، رغم أنه يظلّ حلا مكمّلا، يقتضي اعتماد خطة تقوم على تعزيز نظام الكفالة والأسر البديلة، باعتباره ضامنا لحق الطفل في النشوء في بيئة سليمة، مبرزة أن تحقيق هذه الغاية يتطلب تعبئة مجتمعية لإحياء وتعزيز القيم والعادات الحميدة التي كانت متجذرة في المجتمع المغربي.

وأضافت بازير أنّ معالجة مسألة الأطفال المحرومين من الأسرة لا ينبغي أنْ تقتصر فقط على البحث عن حلول للأطفال الذين يعيشون في هذه الوضعية، بل تتطلب اعتماد استراتيجية استباقية لمنع انفصال الطفل عن الأسرة من خلال جملة من الإجراءات، كتعزيز صناديق الدعم الموجهة إلى الأسر في وضعية هشة.

وشددت المديرة التنفيذية للمرصد الوطني لحقوق الطفل على ضرورة توفير الفرص نفسها لكل الأطفال من أجل البقاء والنمو، وتمكينهم من الرعاية الأسرية، مشيرة إلى أن ثمة حاجة إلى تسهيل المساطر والإجراءات المتعلقة بكفالة الأطفال من أجل تشجيع الأسر على التكفل بهم.

وفي الوقت الذي لا يزال فيه الإقبال على كفالة الأطفال في المغرب ضعيفا، بسبب تعقيد المساطر القانونية، اقترحت بازير إمكانية القيام بدراسة موضوعية للتكلفة المالية التي تتطلبها كفالة طفل محروم من الأسرة، وبناء عليها تقدم الدولة دعما ماليا للأسرة التي تكفل الطفل كإجرار لتذليل حاجز الإمكانيات المادية التي تُعدّ بدورها من الأسباب التي تحُول دون كفالة الأسَر للأطفال.

من جهته، قال عبد الإله فونتير بنبراهيم، ممثل العصبة المغربية لحماية الطفولة التي ترأسها الأميرة زينب وتأسست منذ سنة 1954، إن العصبة أعدت تصورا متكاملا بالتنسيق مع وزارة التضامن والتنمية الاجتماعية والأسرة والمساواة، لتصريف جملة من الإجراءات العملية الهادفة إلى مراجعة عميقة لقانون كفالة الأطفال المهملين.

ويقوم التصور الذي أعدّته المؤسستان المذكورتان على مجموعة من النقط، أوّلها ضرورة التكامل بين عمل الدولة وعمل المجتمع المدني، ولا سيما المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، واعتماد مقاربة ذات أبعاد تضامنية وحقوقية في معالجة هذا الموضوع، باعتبار مسألة كفالة الأطفال المهملين “مسؤولية وطنية ومجتمعية مشتركة نتحمل مسؤوليتها جميعا”.

وأشار المسؤول نفسه إلى أنّ التجربة بيّنت، بعد سنوات من العمل بقانون كفالة الأطفال المهملين، الذي دخل حيز التطبيق سنة 2002، أنّ هذا القانون بحاجة إلى مراجعة عميقة، وضرورة تبسيط مساطر الكفالة من أجل تقوية ضمانات الرعاية والحماية لهذه الفئة.

وأردف أنّ المساطر القانونية الحالية لكفالة الأطفال المحرومين من الأسرة “تتسم بالتعقيد، ولولا تدخل رئيس النيابة العامة يصعب إسناد هذه الكفالة في كثير من الأحيان”.

وأكد فوتير بدوره على أهمية الأسرة لحل مسألة الأطفال المهملين، مقترحا اعتماد صياغة جديدة تتمثل في البحث عن الأسر القادرة على التكفل بالأطفال، عوض أن تأتي هذه الأسرة بنفسها لتبحث عن الطفل في مراكز الرعاية الاجتماعية وغيرها من الأماكن المخصصة لإيوائهم.

ودعا المتحدث إلى إعطاء عناية خاصة للأطفال الذين يصلون إلى سن ثمانية عشرة سنة، وهي السن التي يتحتم عليهم فيها مغادرة مراكز الحماية الاجتماعية، من أجل ضمان اندماج اجتماعي لهم.

hespress.com