في حواره مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أبدى عبد الجبار الأندلسي، الباحث في علم البيولوجيا الطبية بجامعة شيكاغو، تخوّفه من اعتماد المغرب على لقاحات لم تجتز نهائيا المرحلة الثّالثة من التجارب السّريرية، منتقداً المنهجية التي تتبعها اللجنة العلمية لمكافحة فيروس “كورونا”، و”عدم وضوحها بشأن اللّقاحات التي اختارها المغرب، وكذا عدم إجابتها عن بعض الأسئلة العلمية المطروحة”.
والبروفيسور عبد الجبار الأندلسي هو جامعي مغربي مستقر في أمريكا، درّس في عدة جامعات دولية في أمريكا وكندا، بعد حصوله عام 2001 على الدكتوراه في “علم الأحياء” من جامعة بوردو بفرنسا، كما شغل منصب أستاذ في علم المناعة في جامعة “شيربروك” بكندا، ومركز جورجيا للسرطان في الولايات المتحدة الأمريكية، وجامعة إلينوي في شيكاغو.
ضرر اللقاحات
يشير البروفيسور المغربي إلى أنّ جميع اللقاحات تعتمد على مولدات مضادّة تسمّى “antigène”، أساسها “البروتين الشوكي”؛ وتكمن الخطورة في هذا البروتين بالذّات، إذ يدخل في مُستقبِل أولا يكون في الغلاف الخارجي للخلية، ثم بعد ذلك يبدأ برنامج داخل الخلية يساهم في التعبير عن مواد تدخل في إطار “الاستجابة الالتهابية للخلية”؛ بينما قواعد تطوير اللقاحات تقول إنه يجب تفادي كل البروتينات التي تساهم في ضبط برامج جهاز المناعة.
ويبرز الجامعي المغربي من الولايات المتحدة أنّ “هذه التقنية تدفع خلايا الجسم إلى إنتاج أجسام ‘البروتين الشائك’ الموجود على سطح الفيروس، بما يؤدي إلى استجابة مناعية تحمي من العدوى”، بينما تظهر التجارب تطور الأعراض الجانبية عند المتطوعين الذين قاموا بتجريب “فايزر” عليهم، بحيث ظهرت عليهم علامات الحساسية، وهي نتيجة للمضاد الحيوي الذي تم اختياره.
الخطر الثاني، يقول الأندلسي، هو أن اللقاحات التي تعتمد على الفيروس “المقتول” مصنوعة عن طريق تعطيل مسببات المرض، إما عبر الحرارة أو المواد الكيماوية، وذلك من أجل تقليص شراسة الفيروس، وبالتالي تبقى فقط البروتينات الشوكية التي توجد في الغلاف الخارجي، وتدخل إلى جسم الإنسان وتتفاعل مع خلايا جهاز المناعة، وهو ما يؤدي في الأخير إلى خلق “ذاكرة مناعية”، تساهم في التعرف على الفيروس ومحاربته في كل مرة يتسلل إلى جسد الإنسان.
اللقاح المعطّل..
الإشكال الأول الذي يطرحه هذا النوع من اللقاحات هو أن مصدر الفيروس يظلّ مجهولاً، إذ إن طريقة قتله بالحرارة والمواد الكيماوية قد لا تكون فعالة، لأن المصدر مجهول؛ وبالتالي يمكن أن يؤدي إلى أعراض مرضية، ويمكن أن يعود معه الفيروس إلى نشاطه المعتاد ويؤدي إلى نتائج وخيمة، وفق الجامعي المغربي.
ويشير البروفيسور إلى أنّ “التطعيم باللقاح المعطل أو المقتول يحفز الجسم على صنع أجسام مضادة، ويهيئ المطعوم الخلايا المناعية لتذكر أنواع المستضدات التي تسبب العدوى، وهذا يسمح باستجابة أسرع للمرض في المستقبل”؛ بينما يبقى السؤال مطروحا في حالة ما إذا لم يتم القضاء على الفيروس المقتول نهائيا، وعاد إلى نشاطه المعتاد.
كما يتوقّف البروفيسور عند الأشخاص الحاملين للفيروس بدون أعراض واضحة، وهل سيتم تطعيمهم باللقاح، وقال إن “التحفظ الذي يبديه من هذه اللقاحات مرده إلى أن الوضع غير واضح في ظلّ عدم وجود أجوبة شافية عن هذه الأسئلة العلمية”.
تقييم حقيقي
وتوقّف المختص ذاته عند مردودية اللجنة العلمية وطريقة تعاملها مع الملف، موردا أنها لم تكن صائبة؛ “كما أن تدبير الحكومة للملف عرف كوارث، بدءا بتشكيك العثماني في وجود الوباء، وإلغاء عيد الأضحى، والدخول المدرسي الذي لم تحترم فيه التدابير الاحترازية”، وفق تعبيره.
كما قال الأندلسي: “نحن في حاجة إلى تقييم حقيقي.. الأمر يتعلق بصحة المواطنين”. وانطلاقا من تقييمه المبنية على سنوات من الخبرة، يشدد الجامعي المغربي على أنّ اللجنة العلمية لا تتواصل مع المغاربة، وزاد: “يجب استخلاص الدروس من هذا الوباء حتى إذا جاء وباء أكثر شراسة نواجهه بطريقة علمية”.
وفي ظلّ عدم توصل المغرب بأي لقاح مضاد لفيروس “كورونا”، اقترح عدد من الأطباء المغاربة تنويع مصادر اقتناء اللقاح وتجاوز منطق “التعامل الأحادي” مع شركة معيّنة، حتى تستطيع المملكة الوصول إلى تحقيق مناعة جماعية لدى المغاربة في أفق ماي المقبل.
وخلال الشهر الماضي، أعلنت الحكومة المغربية أنها طلبت 65 مليون جرعة من لقاحات COVID-19 من شركة Sinopharm الصينية وشركة AstraZeneca البريطانية؛ بينما تؤكد السّلطات المغربية أنها لم تتوصل إلى حدود اليوم بأي لقاح، وبالتّالي فإن تاريخ بدء عملية التطعيم مازال يشوبه “ضباب”.