تعزيزا للدور الريادي الذي تلعبه النساء في بلدان العالم الإسلامي، وبعد الأدوار الطلائعية التي نهضْن بها خلال السنة الماضية في مواجهة جائحة فيروس “كورونا”، ارتأت منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) تخصيص سنة 2021 عاما للمرأة، في مبادرة ضخمة تتضمن برامج وأنشطة مكثفة، برعاية الملك محمد السادس.

وأعلن سالم بن محمد المالك، المدير العام للإيسيسكو، في مؤتمر صحافي الأربعاء بالرباط، أن مبادرة “عام المرأة”، التي أطلقتها المنظمة، تأتي تعزيزا للدور الريادي الذي قامت به المرأة في سنة 2020، حيث كانت مصدر إلهام وتحمُّل، سواء داخل الأسرة أو في الصفوف الأمامية لمواجهة الجائحة، خاصة في قطاعي الصحة والتعليم.

وتندرج مبادرة “عام المرأة”، المنظمة تحت شعار “المرأة والمستقبل”، ضمن الرؤية الإستراتيجية للإسيسكو 2020-2030، والتي تقوم على توجهين رئيسيين؛ وهما بناء منظومة حضارية مبتكرة وذكية للعالم الإسلامي، وتمكين النساء والشباب في الدول الأعضاء من حقوقهم الأساسية.

وعبر سالم بن محمد المالك عن شكره للملك محمد السادس لتفضله بإسباغ رعايته على مبادرة “عام المرأة”، وقال: “هذا غيض من فيض وقليل من أفضال جلالة الملك للمضي على سير والده”. كما عبر عن شكره للدول الداعمة للإيسيسكو، وخاصة المغرب المحتضن لمقرها.

وسينطلق البرنامج، الذي حضّرته الإيسيسكو، يوم 11 مارس، تزامنا مع تخليد اليوم العالمي للمرأة الذي يُحتفى به يوم 8 مارس، وتتوزع أنشطته على أربعة محاور، وهي: الندوات والبرامج، والمشاريع والدراسات، والجوائز، والمبادرات؛ وتصبّ جميعها في تعزيز الدور الريادي للمرأة وتحسين وضعيتها وتمكينها من حقوقها.

وأبرز المدير العام للإيسيسكو أن المنظمة تعتزم عقد مؤتمرات قد تصل إلى عشرين مؤتمرا كل شهر، ستناقش القضايا الراهنة للمرأة؛ مثل القيادة النسائية في التكنولوجيا، والتحولات الحضارية الكبرى، والقيادة النسائية في المنظمات الدولية، والريادة النسائية في الفكر والفن في العالم الإسلامي، وغيرها من المواضيع.

وأكد المالك أن الإيسيسكو تطمح إلى أن تكون المؤتمرات التي تعتزم تنظيمها، وتنطلق غدا بمناسبة اليوم الدولي للمرأة والفتاة في ميدان العلوم، مؤتمرات ذات بعد دولي، “لتأكيد أن المنظمة ليست منغلقة على بلدان العالم الإسلامي، بل هي منفتحة على العالم أجمع”، مبرزا أن المؤتمرات المرتقبة ستشارك فيها عالمات وقيادات نسائية من العالم الإسلامي ومن دول أخرى، من أجل تقريب وجهات النظر.

وتنقسم البرامج، التي ستنفذها الإيسيسكو في إطار مبادرة “عام المرأة”، إلى برامج داخلية وأخرى خارجية، حيث تستهدف البرامج الداخلية إعطاء مزيد من الفرص للنساء، وذلك بالرفع من عدد موظفي وأطر المنظمة إلى 50 في المائة بنهاية العام الجاري، تكريسا لمبدأ المساواة بين النساء والرجال، وإعداد قيادات نسائية لتولي مناصب عليا.

وأكد سالم بن محمد المالك أن منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة عازمة على خلق “بيئة عمل صديقة للمرأة”، مشيرا إلى أن تنزيل رؤيتها في هذا المجال سينطلق بعدد من الإجراءات العملية لتعزيز حقوقها؛ مثل رفع إجازة الأمومة من 10 أسابيع إلى 14 أسبوعا، وتوفير حاضنة للأطفال الرضع داخل مقر المنظمة، وإعداد مكان خاص للرضاعة، إضافة إلى استقطاب مزيد من الكفاءات النسائية العالية.

ومن بين الإجراءات الأخرى التي يتضمنها البرنامج الداخلي للإيسيسكو، بحسب الإفادات التي قدمها المالك، تدريب أكبر عدد من الفتيات في المجالات القيادية، مبرزا أن المنظمة تحتضن حاليا ثلاثين متدربة ومتدربا، ومن المنتظر أن يتحاوز عدد المتدربين من الجنسين عدد الموظفين مستقبلا، إضافة إلى توظيف أطر نسائية ذوات الهمم، وإيفاد نساء إلى العمل في المنظمات الدولية لكسب مزيد من الخبرات.

وفيما يتعلق بالبرامج الخارجية، قال المالك إنها تشمل تخصيص ميزانية لدعم النساء الرائدات في الدول العالم الإسلامي، وتكوين فتيات في إطار تخصصات الإيسيسكو وحسب حاجيات الدول، وتأسيس شبكات للعالمات المسلمات، وشبكات الصالونات الأدبية، وتعزيز حضور المرأة المسلمة في المحافل الدولية، وتوفير منح دراسية للموهوبات، فضلا عن برامج لحماية المرأة من كل أشكال العنف.

وتولي الإيسيسكو أهمية كبرى لمشكل التسرب المدرسي للفتيات في دول العالم الإسلامي، حيث وضعت في برامجها الخارجية هدف مساعدة الفتيات على إتمام دراستهن، إذ تعتزم توزيع ما بين 25 إلى 50 ألف حاسوب في مرحلة أولى، وتطمح إلى الوصول إلى مليون حاسوب مستقبلا، في إطار التعاون مع عدد من الشركات العالمية المانحة.

ويعوّل مسؤولو الإيسيسكو على رعاية الملك محمد السادس لإنجاح مبادرة “عام المرأة”، حيث قال المدير العام للمنظمة: “نجاحنا انطلق من هذه المكرمة السامية التي منحنا إياها جلالة الملك بأن أصبح هذا العام تحت رعاية جلالته”؛ بينما قال عبد الإله بنعرفة، المستشار الثقافي للمدير العام للمنظمة ذاتها، إن رعاية العاهل المغربي لهذه المبادرة، التي تمتد طيلة عام كامل، “هي الأولى من نوعها ولم يسبق أن حدثت من قبل”، معتبرا أن “الرعاية هي رسالة إستراتيجية للتأكيد على أن تكريم المرأة ليست مناسباتية”.

hespress.com