بعد مضي عشر سنوات على “الحَراك الفِبْرايْرِي”، ما زالت كثير من القضايا محل تساؤل من لدن المغاربة، أهمها الفساد، وهو أحد الشعارات المرفوعة في الاحتجاجات الميدانية، غير أن المؤشرات الحالية تشير إلى نوع من “التفاؤل الحذر” فيما يخص جهود الدولة في محاربة ظواهر الفساد السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

شبكة “الباروميتر العربي”، المختصة في إجراء استطلاعات الرأي العام بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، جست نبض بعض المغاربة حول مدى تحقق شعارات حركة “20 فبراير” على أرض الواقع، وخلصت إلى أن أسباب خروج المواطنين إلى الشارع ما زالت قائمة.

وعند سؤال الشبكة العربية المواطنين عن مدى انتشار الفساد داخل أجهزة الدولة، أفاد 59 بالمائة من المستجوبين بأنه موجود إلى درجة كبيرة أو متوسطة، فيما صرح 25 بالمائة بعدم وجوده مطلقا في المجتمع. أما فيما يخص الديمقراطية، بوصفها قيمة مجتمعية، فقد اعتبر 79 بالمائة من المغاربة أن اختيار الحكام في انتخابات حرة أساسي بالمطلق أو أساسي نوعا ما.

وتبعا للدراسة عينها، فإن غالبية المغاربة ما زالوا يعتبرون أن أولويات الحكومة تتمثل في خلق فرص عمل جديدة بنسبة مئوية تقارب الـ39 بالمائة، بينما يطالب 24 بالمائة من المواطنين بإصلاح النظام التعليمي، في حين ينادي 50 بالمائة بجعل الرعاية الصحية ضمن أولوية الحكومة في الإنفاق خلال الموسم المقبل.

وبحسب حمزة الأنفاسي، منسق التواصل بمركز “الباروميتر العربي”، فإن “السنوات العشر الأخيرة عرفت انفتاحا كبيرا على مستوى وسائل الإعلام والتواصل، مما جعل شرائح أكبر من المجتمع تصل إلى المعلومة، ‏بالإضافة إلى دور مؤسسات عدة تم إنشاؤها، أو تقوية دورها في العشرية الأخيرة، حيث تقوم بدور الرقابة ضد الفساد، وأخص بالذكر هنا المجلس الأعلى للحسابات”.

وأضاف الباحث في العلوم السياسية، ضمن إفادته الصحافية، أنه “عند النظر إلى الأرقام بشكل أكثر دقة، نرى أن نسبة من يعتقدون بأن الفساد منتشر على مستوى الدولة تكون أعلى بالنسبة للشباب، حيث تصل إلى 60 بالمائة وسط الفئة العمرية المتراوحة بين 18 و44 سنة، وتصل إلى 65 بالمائة بالنسبة للناس بين 45 و59 سنة، ثم تنزل إلى ‏44 بالمائة بالنسبة للفئة العمرية ما فوق 60 سنة”.

وأوضح الأنفاسي أن “هناك اختلافا كبيرا على مستوى الوعي بانتشار الفساد على مستوى الدولة بين الأشخاص ذوي التعليم العالي الذين تصل النسبة بينهم إلى 65 بالمائة، والأشخاص ‏ذوي التعليم الأساسي الذين تصل النسبة بينهم إلى 49 بالمائة”.

وخلص المتحدث لجريدة هسبريس الإلكترونية إلى أن “السبب الرئيسي يعود إلى الانفتاح الإعلامي والسياسي الذي عرفه المغرب في العشرية الأخيرة، حيث أظهرت آخر استطلاعاتنا أن شرائح كبيرة من المجتمع المغربي تستقي الأخبار عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى أن الفساد في السنوات العشر الأخيرة ‏صار أكثر تركيبا وتعقيدا ليواكب التركيب والتعقيد الذي عرفه الاقتصاد المغربي، حسب توصيف الباحث في العلوم السياسية كونراد بوجارت”.

hespress.com