اعتبر محمد صالح التامك، المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، أن الإكراهات التي تسجل في السجون، ومنها الاكتظاظ، يتم طرحها سنويا أمام النواب، مبرزا أن “المغرب عرف، خلال الخمس سنوات الماضية، وللأسف، بناء 17 مؤسسة سجنية وإغلاق العدد نفسه من السجون القديمة والمتهالكة، رغم ارتفاع عدد السجناء بـ20 في المائة”.

جاءت هذه المعطيات اليوم الأربعاء بلجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، جوابا من “سجان المملكة” على ملاحظات النواب والتي سجلها تقرير المهمة الاستطلاعية لمجلس النواب، عقب الزيارات الميدانية إلى كل من السجن المركزي مول البركي بأسفي والسجن المحلي عين السبع المعروف بـ”عكاشة” بالدار البيضاء والسجن المحلي تولال بمكناس.

التامك وهو ينبه إلى أن ارتفاع الاعتقال الاحتياطي سبب هذا الاكتظاظ، شدد على أن تجاوز هذا الإشكال مرتبط بترشيد الاعتقال الاحتياطي وإعمال العقوبات البديلة، مؤكدا أن “جميع الشكايات والتي بلغت 692 شكاية مرتبطة ادعاءات التعرض لسوء المعاملة لم يتم الوقوف على صحة هذه الادعاءات”.

وأبدى التامك انزعاجه من نشر الصحافة لمضامين التقرير قبل عرضه على اللجنة، واعتبر أن النواب كان يفترض أن يعودوا إلى المندوبية قبل صياغته النهائية، مؤكدا أنه “سيتم العمل بالتوصيات والملاحظات التي جاءت في التقرير”.

وبخصوص استبدال القفة بالوجبات في السجون، أوضح التامك أن دراسة لتسعة سجون أكدت رضا 90 في المائة من النازلة السجنية عن الوجبات كما وكيفا مقارنة مع الوجبات السابقة، مشيرا إلى أن التغذية تخضع لترخيص وزارة الصحة.

ولاحظ النواب خلال زيارة السجن المركزي مول البركي بأسفي أن عددا من السجناء يعانون سوء المعاملة وبعض أشكال التعذيب من قبل أحد نواب رئيس المعقل، خاصة بالذكر “أثناء العرض على الإجراءات التأديبية والوضع في الزنزانة الفردية”.

وفي هذا الصدد، نبه التقرير إلى أنه سجل عدم ارتياح لدى العديد من السجناء وظهور علامات الخوف والقلق عند بعضهم من تبعات الحديث أثناء التواصل معهم من قبل النواب، منبها إلى أن عددا من أعوان الإدارة كانوا حريصين على تسجيل رقم اعتقال كل سجين تم التواصل معه.

أما بخصوص المركب السجني عين السبع المعروف بـ”عكاشة”، فيعد، حسب التقرير، من بين سجون المملكة الأكثر اكتظاظا، نظرا لطبيعة موقع المؤسسة السجنية، ووجودها بأكبر المدن المغربية، مبرزا أنها تضم أكبر عدد من المتعلقين الاحتياطيين؛ وهو ما يشكل عبئا على الإدارة، خاصة في ما يتعلق بتدبير تنفيذ هؤلاء النزلاء.

وحول المركب السجني عين السبع الخاص بالنساء، سجل التقرير انخراط جل السجينات في برامج التكوين المهني، بشعبه المتاحة، منبها إلى عدم قدرة المؤسسة على تلبية جميع الرغبات في ما يخص محاربة الأمية ومتابعة الدراسة، بسبب قلة الموارد البشرية.

التقرير حذر من عدم التفرقة بين السجينات الأحداث وباقي السجينات؛ وهو ما يطرح صعوبات لهذه الفئة، كاشفا غياب طبيبة أو أخصائية نفسية داخل المؤسسة، وما يطرحه ذلك من صعوبات بالغة في المتابعة النفسية لدى هذه الفئة.

وبخصوص سجن تولال 1 في مكناس، نبه التقرير إلى ضيق المساحات المخصصة للفسحة بالأحياء السجنية، التي لا تتعدى 150 مترا مربعا مخصصة لما يقارب 500 سجين، مسجلا غياب فضاء للصلاة بالنسبة للأطر وموظفي السجن.

وفي هذا الصدد، كشف التقرير وجود اكتظاظ كبير على مستوى الأحياء السجنية، ففي الأسرة الإسمنتية التي تضمها كل غرفة، والمحددة في 8 سجناء، تعرف سكن اثني عشر سجينا، منبها إلى مشكل النظافة والتهوية بالنسبة للأحياء والأجنحة التي تمت زيارتها.

التقرير نبه إلى أن قلة المواد البشرية بالسجن تدفع الإدارة إلى توزيع العشاء على النزلاء بداية من الثالثة والنصف بعد الزوال، مشيرا إلى أن الموارد البشرية القليلة تجعل المصحة غير قادرة على الاستجابة لكل احتياجات التطبيب داخل المؤسسة السجنية.

وبخصوص ما يثار حول العقوبات التأديبية المرتبطة بالزنزانة الانفرادية، سجلت توصيات التقرير البرلماني الحاجة إلى ضرورة مراجعة الحد الأقصى من هذا الإجراء التأديبي الذي تتم معاقبة النزلاء به في حالة وقوعهم في أخطاء تقتضي التأديب.

وأكد التقرير بهذا الخصوص اللجوء المبالغ فيه إلى هذه العقوبة أحيانا، حيث بلغ على سبيل المثال عدد قرارات الوضع بالزنزانة الانفرادية 1918 حالة بسجن عكاشة، مشددا على ضرورة تعديل القانون المنظم للتقليص من هذه العقوبة.

hespress.com