خلال السنوات الأخيرة، حصّن المشرّع المغربي الحياة الخاصة للأفراد بترسانة قانونية بهدف حمايتها، لكنّ ذلك لم يحُل دون استمرار انتهاكها، خاصة مع تزايد استعمال وسائل التواصل الحديثة التي جعلت الحياة الخاصة للأفراد، سواء كانوا مواطنين “عاديين” أو مسؤولين عموميين”، معرّضة لانتهاك حرمتها في أي لحظة.

حماية الحياة الخاصة يكفلها الدستور؛ إذ ينص الفصل الرابع والعشرون منها على أن “لكل شخص الحق في حماية حياته الخاصة”، بينما حصّنت مجموعة القانون الجنائية الحياة الخاصة بمقتضيات منها “منع التقاط أو تسجيل أو بث أو توزيع أقوال أو معلومات صادرة بشكل خاص أو سري دون موافقة أصحابها”.

وتعززت الترسانة القانونية الحامية للحياة الخاصة في المغرب بتوجيه رئيس النيابة العامة منشورا إلى المسؤولين القضائيين دعاهم فيه إلى التطبيق الصارم للمقتضيات القانونية المتعلقة بحماية الحياة الخاصة للأفراد، التي تتراوح عقوبة انتهاكها ما بين ثلاث وخمس سنوات سجنا، و5000 إلى 50 ألف درهم غرامة.

ومع ذلك، ما زال لم يتوقف انتهاك الحياة الخاصة للأفراد، سواء بنشر صور أو مقاطع فيديو خاصة، في حين تبرز نقطة خلافية تتعلق بحدود نهاية الحياة الخاصة عندما يتعلق الأمر بمسؤول عمومي وحق المواطنين في الحصول على المعلومات المتعلقة بتدبير المرفق العالم.

ويرى محمد العوني، رئيس منظمة حريات الإعلام والتعبير “حاتم”، أن هناك خيطا ناظما بين مجال الحق في الحصول على المعلومات وبين حماية الحياة الخاصة للأفراد، بمن فيهم المسؤولون العموميون، مشيرا إلى أن هذا التداخل “يطرح نوعا من الالتباس لدى العموم”.

وتابع العوني، في تصريح لهسبريس، أن “كل ما يتعلق بالحياة الشخصية للناس كيفما كانوا يجب صيانته، لكن في المقابل هناك حق المواطنين في الحصول على المعلومات التي تهمهم، وهذا جارٍ به العمل في جميع بلدان العالم”.

وأورد الفاعل الإعلامي واقعة تداوُل الرأي العام المغربي لصور ابنة رئيس جهة ارتكبت حادثة سير بسيارة تابعة للمجلس الذي يرأسه والدها، موضحا أنه “في هذه الحالة، لا يمكن القول إن في الأمر انتهاكا للحياة الخاصة، لأن الأمر له علاقة بتدبير الشأن العام، وهناك سوء استعمال لسيارة تابعة للدولة”.

وفي الوقت الذي تتوزع فيه آراء المواطنين بين منتقد لاقتحام الحياة الخاصة للمسؤولين وبين معتبر أن ذلك حقهم، طالما أن المسؤولين المعنيين يدبرون الشأن العام، حمّل العوني جزءا من المسؤولية لبعض مؤسسات الدولة، التي قال “إنها تستغل أحيانا المعطيات الشخصية لأهداف سياسية أو أمنية، وهو ما يعقّد المسألة أكثر”.

hespress.com