موازاة مع شروع الحكومة في تفعيل التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، أبدت التعاضدية العامة لهيئات المحامين بالمغرب عن تحفظها إزاء هذا التأمين، معتبرة أنه “يشكل تهديدا لوجود التعاضدية”.

وقالت التعاضدية المذكورة، في مذكرة ترافعية موجهة إلى رئيس وأعضاء جمعية هيئات المحامين بالمغرب، تتوفر عليها هسبريس، إن القانون الإطار رقم 98.15 والمقتضيات القانونية التي جاء بها “تشكل تهديدا لوجود التعاضدية وتراجعا قد يمس الحق في الصحة بالنسبة لعموم المحاميات والمحامين، أمام وجود حق مكتسب يضمنه انخراط هؤلاء في تعاضديتهم المؤسسة منذ أزيد من اثنتي عشرة سنة”.

وعللت التعاضدية العامة لهيئات المحامين بالمغرب مخاوفها بكون القانون الإطار رقم 98.15 المتعلق بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا صدر “في غياب أي مقاربة تشاركية مع الهيئات التمثيلية للمحاميات والمحامين”.

وذهبت الهيئة نفسها إلى القول إن إدراج المحامين ضمن الأصناف الفرعية المعنية بتطبيق القانون الإطار المذكور عليهم فيه خرق للقانون رقم 28.08 المنظم لمهنة المحاماة، “بفرضه الوصاية على الهيئات، وسلب استقلاليتها وتعد على اختصاصاتها”، مبرزة أن مجالس هيئات المحامين هي التي تختص بإنشاء وإدارة المشاريع الاجتماعية لفائدة المحامين وأسرهم.

التعاضدية العامة لهيئات المحامين بالمغرب اعتبرت أن إدراج المحامين ضمن الأصناف الفرعية المعنية بتطبيق القانون الإطار رقم 98.15 فيه خرق للمادة الثالثة منه، والتي تنص على أنه يخضع لنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الأشخاص غير الخاضعين لأي تأمين آخر للتأمين الإجباري الأساسي عن المرض.

واعتبرت أنه بموجب هذا البند، فإن المحامين مستثنون من نظام التغطية الصحية الإجبارية الذي وضعته الحكومة، ما داموا يتوفرون على نظام إجباري أساسي للتأمين الصحي عن المرض تضمنه لهم تعاضديتهم، ويخضعون له بموجب قانون المهنة.

وحسب الإفادات التي أدلت بها التعاضدية، فإن المحاميات والمحامين المنخرطين فيها وكذا أقربائهم، من أزواج وأبناء، يستفيدون من التغطية الصحية الإجبارية إلى ما بعد ستين سنة، بالإضافة إلى تأمين أساسي عن المرض، وتأمين تكميلي عن المرض كذلك، وتأمين عن الوفاة في شقيه الأساسي والتكميلي.

واستنادا إلى المعطيات التي قدمتها التعاضدية العامة لهيئات المحامين بالمغرب، فقد ارتفع عدد المستفيدين من خدماتها من 6912 مستفيدا، سنة 2008، تاريخ إنشائها، إلى 20426 مستفيدا خلال سنة 2020.

وذهبت التعاضدية ذاتها إلى القول إن القانون المؤطر للتأمين الإجباري الأساسي عن المرض “فيه مس خطير باستقلالية المهنة وتدخل في عمل الهيئات المهنية للمحامين”، مشيرة إلى ما تنص عليه المادة 10 منه، والتي تلزم الهيئات المهنية بموافاة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بالمعلومات المتوفرة لديها المتعلقة بكل شخص تابع للهيئة، تحت طائلة عقوبات مالية في حال عدم تقيد الهيئات بهذه المقتضيات.

وتضيف الهيئة نفسها بأن القانون الإطار رقم 98.15 “يمس أيضا باستقلالية مهنة المحاماة وعمل هيئات المحامين وبسط الرقابة عليها”، لكونه يعطي الأوامر لها بوجوب طلبها من المؤمن نسخة من شهادة تثبت انتظام أداء واجبات الاشتراك المستحقة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، قبل تسليمه أي وثيقة أخرى مرتبطة بمزاولته للمهنة.

واعتبرت التعاضدية العامة لهيئات المحامين بالمغرب أنه بموجب هذا المقتضى “أصبح المحدد للممارسة المهنية للمحاميات والمحامين، ليس قانون المهنة، وإنما الشهادة الصادرة عن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، التي تفيد انتظام المؤمن لأداء اشتراكاته للصندوق، وهذا يعتبر تدخلا سافرا في عمل الهيئات، ومسا خطيرا باستقلالياتها”.

التعاضدية انتقدت أيضا الطريقة التي تقرر بها احتساب المساهمات التي سيؤديها المستفيدون من التغطية الصحية الإجبارية، معتبرة أنها “ستكون جد مرتفعة، لن يكون بمقدور لا عموم المحاميات والمحامين من جهة، ولا هيئات المحامين من جهة أخرى الوفاء بها، خصوصا أن هذه التحملات لا يقابلها أي مكسب إضافي، على اعتبار أن نظام التعاضدية يحقق امتيازات تفوق بكثير النظام المقترح”.

ويبدو أن انخراط المحامين في نظام التغطية الصحية الإجبارية الذي وضعته الحكومة سيعود إلى نقطة الصفر، بعد المذكرة التي وجهتها إدارة تعاضديتهم إلى رئيس وأعضاء جمعية هيئات المحامين بالمغرب، حيث ختمت المذكرة بدعوة المحامين إلى “تضافر الجهود ووحدة الصف، من أجل مواجهة الموقف بما يلزم من الجدية والفعالية، حفاظا على “تعاضديتنا”.

hespress.com