الاثنين 07 دجنبر 2020 – 04:00
قالت ورقة بحثية إن الرقابة الديمقراطية (السياسية بالمعنى البرلماني) على العمل الأمني تبقى محدودة الأثر لاعتبارات تتعلق بإشكالية فهم الفاعل السياسي لميكانيزمات إنتاج القرار الأمني وكذا استمرار النخبة السياسية، في جزء كبير منها، في استبطان تصورات قديمة موروثة حول المؤسسة الأمنية.
وانطلق الباحث إحسان الحافظي في ورقته المعنونة بـ”سياسة التواصل في المجال الأمني: حالة المغرب” في مقاربته للموضوع من إشكالية العلاقة القائمة بين الأجهزة الأمنية وفكرة التواصل، حيث أرجع ذلك إلى محددات توجد في التاريخ، فقد ظلت أجهزة الأمن، طيلة فترة من تاريخ المغرب، مبنية على تصورات تقليدية تبقيها منغلقة على ذاتها، حذرة في التفاعل مع البيئة الحاضنة لها، “ما أفرز حالة من التنافر وصلت حد التصادم”، بتعبيره.
وأوردت المقالة المنشورة ضمن مؤلف جماعي يحمل عنوان “الحكامة الأمنية على المستوى المحلي”، أصدره مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية، وهو عبارة عن تلخيص لأشغال ندوة عُقدت السنة الماضية، أن في ظل التحولات التي عرفها المجتمع المغربي واعتراف الدولة نفسها عبر الدستور بالحق في المعلومة، سوف تنشأ توجهات علنية نحو بلورة سياسة تواصل في المجال الأمني قائمة على التنويع ومحاصرة الأخبار الزائفة، ضمن ما يصطلح عليه الإعلام الأمني.
ويرتبط الإعلام الأمني عضوياً بالأمن، بحسب التعريف الذي قدّمه الباحث، فهو شكل من أشكال الإعلام المتخصص، حيث يشمل كل “المعلومات التي تغطي كافة الأحداث والحقائق والأوضاع والقوانين المتعلقة بأمن المجتمع واستقراره”، مشيرا أيضا إلى أن المعلومة تشكل قاعدة التواصل بوصفها قد تُنتج من قبل المؤسسة الأمنية فتسمى معلومة أمنية، كما أنه قد تُنتج من قبل الأفراد في علاقتهم بمنظومة قيم ثقافية أو اجتماعية.
وتعتبر المقالة أن تجربة الإعلام الأمني بالمغرب شكلت واحدة من مظاهر الانفتاح على دينامية المجتمع بواسطة أدوات الإعلام؛ إذ فرضت اعتبارات الإصلاح السياسي والمؤسسي على القائمين على المؤسسة الأمنية بالمغرب بناء سياسة تواصلية تستند إلى ثلاثة محددات أساسية هي ترسيخ فكرة القرب عبر التواصل، والتخلي عن الوسائط الإعلامية والتخاطب المباشر، وشفافية المرفق الأمني.
ويرى الكاتب أن الإعلام الأمني يشتغل بالوسائل نفسها التي تشتغل بها وسائل الإعلام الأخرى، حيث نَحت المؤسسة الأمنية إلى تنويع العرض الإعلامي من خلال تطوير قنوات التواصل مع الرأي العام، مبرزاً أن أدواتها توزعت بشكل عام بين التخاطب المباشر والتواصل والتفاعل عبر وسائط التواصل الاجتماعي.
ويتنوع مضمون العملية التواصلية الأمنية مركزيا بين التفاعل مع قضايا الرأي العام (الأفعال الجانحة، الجريمة المنظمة، مكافحة الإرهاب…)، وبين الإحاطة بتخليق المرفق الإداري (الأبحاث الإدارية وغيرها)، تبعاً للورقة، التي لفتت الانتباه إلى أن لغة الخطاب تتوزع بين لغة إخبار في مواجهة الأخبار الزائفة، وبين استخدام لغة التنبيه، علاوة على الإخبار بمعطيات وإحصائيات العملية الأمنية.
ويلحظُ الباحث أن المديرية العامة للأمن الوطني منذ منتصف سنة 2015، راكمت تنويعاً في العرض الإعلامي بتنويع آليات التواصل وترسيخ الانفتاح، بإدراك مسبق بأهمية الإعلام الأمني في تدعيم الإحساس بالأمن وترسيخه كمنتوج جماعي مشترك. ومن أهم قنوات الإعلام الأمني، تذكر المقالة كلاً من “مجلة الشرطة” والتواصل الشبكي والبلاغات والأبواب المفتوحة.
وبالنسبة إلى إكراهات تطوير التواصل الأمني، فقد حصرها الحافظي في محددين اثنين؛ أولهما الحق في الوصول إلى المعلومة، حيث خصص الدستور الفصل 27 لتنظيم الحق في الولوج إلى المعلومة، مع وضع اشتراطات مسبقة سوف يتم تنظيمها في القانون التنظيمي، تستثني كل ما يتعلق بالدفاع الوطني وأمن الدولة الداخلي والخارجي، وغيرها من المجالات التي اختص بها المقتضى القانوني 13.31 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات.
أما المحدد الثاني فيرتبط بالمقتضيات المشمولة بطابع السرية؛ ففي ظل وجود قانون جنائي يعاقب على إفشاء السر المهني، فإن سياسة التواصل في المجال الأمني تصطدم بحاجز تشريعي، تم التجديد له في المقتضيات المنظمة للحق في الحصول على المعلومات، حيث تشدد المشرع، بموجب النص الأصلي، في التعاطي مع مبدأ السر المهني.