ظل موضوع القضاء على الحجرات الدراسية المبنية بالبناء المفكك مطروحا على طاولة الحكومة منذ سنوات، لكن هذا البناء مازال قائما إلى اليوم، وطفا إلى السطح من جديد بعد أن كان سببا في إزهاق روح أستاذ كان يعمل في الجماعة القروية شرقاوة، نواحي مدينة مكناس، يوم الأربعاء الماضي.
ولقي الأستاذ حتفه جراء سقوط جدار من حجرة دراسية غير مشغلة من البناء المفكك أثناء هدمها، حيث كان متواجدا لحظة عملية الهدم داخل الحجرة، ما أدى إلى وفاته بعد ثلاث ساعات من الحادث.
ومنذ عهد وزير التربية الوطنية الأسبق، رشيد بلمختار، قبل سبع سنوات، جُعلت محاربة البناء المفكك من أولويات وزارة التربية الوطنية؛ وذلك في إطار تنزيل البرنامج الوطني لتعويض البناء المفكك، الذي وُضع سنة 2014، ورُصد له اعتماد مالي سنوي بغلاف 200 مليون درهم.
وتوقف تشييد الحجرات الدراسية باستعمال البناء المفكك منذ سنة 1997، غير أنّ آلاف الحجرات الدراسية المبنية بهذا البناء مازالت قائمة، إذ بلغ عدد الحجرات التي برمجت وزارة التربية الوطنية تعويضها خلال السنة الجارية 4618 حجرة، في أفق القضاء على هذا البناء سنة 2023، حسب تصريح الوزير سعيد أمزازي في مجلس النواب شهر دجنبر من السنة الماضية.
ويرى عبد الرزاق الإدريسي، الكاتب العام للجامعة الوطنية للتعليم FNE، أن عدم القضاء على البناء المفكك رغم وضع برنامج وطني خاص لهذا الغرض منذ سنة 2014 “ينم عن غياب الاهتمام الكافي والجدّية اللازمة للقضاء على هذا البناء”.
وأشار الإدريسي، في تصريح لهسبريس، إلى أن البناء المفكك له سلبيات كثيرة ويشكل خطرا، ليس فقط على السلامة الجسدية للتلاميذ والأطر التربوية، بل أيضا على سلامتهم الصحية، مشددا على أن الحكومة ملزمة بالتسريع في القضاء على ما تبقى من الحجرات الدراسية من البناء المفكك وتعويضها بحجرات تحترم شروط السلامة.
وسبق لوزارة التربية الوطنية في عهد رشيد بلمختار أن كلفت مختبرا بإجراء تحاليل مخبرية لرصد الحجرات الدراسية من البناء المفكك التي تحتوي مواد بنائها على مادة تسمى الخرير الصخري، وهي مادة تشكل خطرا على السلامة الصحية.
وتوجد أغلب الحجرات الدراسية من البناء المفكك في العالم القروي، وهو ما يعتبره عبد الرزاق الإدريسي “ضربا لمبدأ المساواة بين التلاميذ القاطنين في القرى ونظرائهم القاطنين في المدن”، مشيرا إلى أن “التلاميذ في العالم القروي يعانون أصلا من مشاكل أخرى، كغياب حطب التدفئة في فصل الشتاء، وعدم توفر الحجرات الدراسية على أبسط التجهيزات الضرورية”.
ويرى الفاعل النقابي أن ضعف واهتراء البنية التحتية للمدارس في العالم القروي يعدّ واحدا من الأسباب الرئيسية المؤدية إلى الهدر المدرسي، مضيفا: “يجب أن يكون التعليم العمومي، من الابتدائي إلى الجامعي، متاحا للجميع، في إطار من المساواة وبدون أي تمييز”.