لا تزال مواقف المجلس الوطني لحقوق الإنسان ممططة لحبل الارتباك مع الحركة الحقوقية المغربية، فقد شكل التقرير السنوي محطة جديدة لتصريف الاصطفافات المتباينة بين أغلب الجمعيات والمجلس المدبر الرسمي للحقل الحقوقي بالبلاد.
ويدير المجلس وساطات وعليه انتظارات كثيرة، خصوصا في ملفات “حراك الريف” و”الصحافيين المعتقلين”، مما يجعل المواقف تتباين حد النقيض، وتفرز تبادلا للاتهامات بين خلط السياسي بالحقوقي، أو خدمة نفس تصور السلطات للملفات الحقوقية.
عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، يرى أن التقرير الذي يغطي فترة حرجة، تميزت بتقييد الحريات بسبب وباء “كوفيد”، لم يعر أي اهتمام لحالات التعسف والإهانات التي تعرض لها العديد من المواطنين من لدن بعض المكلفين بإنفاذ القانون، مشيرا على سبيل المثال إلى مصادرة بضائع بعضهم المعروضة للبيع. واعتبر ذلك حالات معزولة، مسجلا متابعة حجم هذه التجاوزات، خاصة من لدن ممثلي السلطات المحلية، ومشيرا إلى أنها مورست على أوسع نطاق، فيما لم يتخذ في حق مقترفيها أي إجراء.
وأضاف الخضري أن “التقرير في مجمله جاء متماهيا إلى حد كبير مع الخطاب الرسمي للدولة، وبالتالي لا ينفذ إلى لب الإشكاليات الحقوقية المطروحة، ويبدو جليا أن معالجته ومواقفه بشأن القضايا الجوهرية تحكمها خطوط حمراء عديدة”.
“وهو ما يدفع إلى القول، يتابع الخضري، بأن المجلس مؤسسة بنيت على أسس مبادئ باريس، لكنه لا يراعي هذه المبادئ من الناحية العملية، ربما نعم إلى حد ما على المستوى المعياري (Sur le plan normatif) كباقي المؤسسات”.
وبخصوص الفقرة 41، التي تخص اتهامات بالتعرض للتعذيب من لدن بعض السجانين (بالنسبة للحالات الأخرى، 12 حالة لم يتم التمكن من القيام بزيارات، وتم التواصل من خلال المراسلات أو اتصالات مباشرة مع المندوبية، وتم التوصل بمعلومات تفند ادعاءات المعنيين بالأمر)، لاحظ الخضري أن هذا التعقيب أقل ما يقال عنه أنه عبث واستخفاف بعقول المغاربة، متسائلا: هل هناك من جلاد (افتراضا وليس حتما) يعترف باقترافه جريمة التعذيب في حق ضحيته؟ قبل أن يضيف “كان يمكن للمجلس أن يطلب إيفاد أطباء شرعيين لمعاينة هؤلاء السجناء، أو الاستماع إلى شهود، أو التواصل مع هؤلاء السجناء عبر التناظر المرئي، لم لا؟”.
وفضل الخضري أن يلتزم المجلس الصمت بدل التصريح بهذا الموقف المخجل، معربا عن عدم رضاه عن مواقف المجلس أو حتى آليته المستحدثة للوقاية من التعذيب، من مزاعم التعذيب التي ترد على المجلس. وتابع قائلا: “هناك مشكل مصداقية وشفافية”.