في ظلِّ خُفوتِ مبادرات المجلس الوطني لحقوق الإنسان بشأنِ تسوية ملفّ “حراك الرّيف” الذي باتَ يتأرْجحَ بين انتظاراتِ “الانفراج” الكلّي وجُمودٍ على مستوى التّعاطي الحقوقي، يقودُ معتقلو الحراك تحرّكات “ذاتية” بإطلاق دعوات للحوار مع الدّولة لتجاوز “سوء الفهم” الذي يُعيقُ تسوية الملفّ بشكلٍ نهائيّ.

الدعواتُ لفتح قنوات “الحوار” مع الدّولة من داخل سجونِ المملكة نقلها أحمد الزّفزافي، والد قائد احتجاجات الحسيمة، الذي قال إنّ “ناصر أكّد أنّه على العهد باق، ومتشبث بإطلاق سراح جميع المعتقلين على خلفية الحراك الشّعبي بالريف، وإسقاط المتابعات القضائية”.

وأضاف الوالد أنّ ناصر، المدان بعشرين سنة سجنا نافدا، أكّد له في اتصالٍ هاتفي أنّه “رجل حوار، ومن يجهل عنواني أذكره أنني أقبع ورفيقي نبيل احمجيق بسجن رأس الماء، تحت عدد 8083”.

ورسميا، بات عدد المعتقلين على خلفية احتجاجات “حراك الريف” لا يتجاوز الخمسين، بعد أن انقضت محكومية بعضهم خلال الأيام القليلة الموالية لعيد الفطر، وهو ما أنعش آمال العائلات وفعاليات حقوقية في إمكانية الدفع نحو التسوية بالنظر إلى محدودية العدد.

وتراهن بعض قوى حقوق الإنسان على آلية العفو الملكي، رغم إقرارها بصعوبة الأمر أمام رفض المعتقلين الطلب، وكذا استكانة استفادة المسجونين منها إلى “رقم الصفر” منذ مدة، فضلا عن استمرار توتر العلاقة بين أوجه بارزة من الاحتجاجات والدولة.

وقال الحقوقي المغربي عبد الإله الخضري إن “بادرة ناصر الزفزافي باستعداده للحوار من أجل إطلاق سراحه وسراح معتقلي حراك الريف الذين معه خطوة إيجابية ومحفزة، لا سيما أننا بحاجة إلى طي ملف حراك الريف بعد الشرخ الحقوقي الهائل الذي تركه على مسار المغرب نحو تكريس الديمقراطية وحقوق الإنسان”.

وأضاف الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان: “إننا بحاجة إلى القطع مع الاعتقال على خلفية سياسية الذي تفاقم بشكل مريب خلال العقد الأخير، وأصبح نقطة سوداء قاتمة تكاد تذهب بكل المكتسبات المتراكمة أدراج الرياح”.

وشدد المتحدث على أن “بادرة حسن النية من جهة المعتقل السياسي ناصر الزفزافي لحلحلة الملف تصطدم بالكثير من التحديات، ليس أقلها مقاربة الإذعان والتخوين التي تنهجها بعض الجهات في حق قياديي حراك الريف بغاية تبخيس وتقزيم نضالاتهم، متجاهلة الزخم المجتمعي الهائل الذي حققته نضالات الزفزافي ورفاقه كأحمجيق وجلول وآخرين”.

وعبر الخضري عن أمله أن “يدرك صناع القرار ببلادنا أن الزفزافي ورفاقه ليسوا أعداء الوطن، وليسوا خونة ولم يبيعوا وطنهم للأعداء، بل إنهم مناضلون حملوا على كتفهم عبئ الترافع باسم الأجيال الصاعدة التي وجدت نفسها بين مطرقة الفساد وسندان الاستبداد، فحرمت من حقها في فرص العيش الكريم”.

ويعتقد المصرح لهسبريس أن “الفرصة مواتية للعمل على طي ملف حراك الريف، عبر إطلاق حوار شفاف وموضوعي يفضي إلى إطلاق سراح كل معتقلي حراك الريف وجرادة وغيرهم، ولن تجدي نفعا أية محاولة للبحث عن نموذج تنموي جديد، إذا ما ظلت سياسة الإمعان في تهميش هذه الفئات، ورميها خارج أهداف السياسات العمومية المستقبلية ببلادنا”.

hespress.com