تفاعلا مع الجدل الذي أثارته ملصقات مجهولة المصدر بعدد من شوارع مدينة طنجة، تستنكر اختيارات نساء مغربيات في اللباس بالفضاءات العامة بالمغرب، يقول الفقيه لحسن بن إبراهيم السكنفل، رئيس المجلس العلمي المحلي لعمالة الصخيرات تمارة، إن الموضوع يحتاج توضيحا وبيانا.

ويتعلق الأمر بملصق هاجم من أسماهم “الآباء والأمهات عديمي الشرف والحياء والدين، إلا من رحم ربي، الذين جعلوا الشوارع تفوح بالإباحيات ومتعوا الكثير من الناس بمفاتن بناتهن”، وتحدث عن مختلف الفئات العمرية الأنثوية ابتداء من سن الـ13 عاما، اللائي يرتدين “البناطيل القصيرة، والضيقة”، واصفا إياهن بـ”السلع الرخيصة”، قبل أن يذكر في ختام النص المسمى “إهداء”: “لا عجب في عراء النساء وضيق ملابسهم (عوض ملابسهن) بل العجب أنهم خرجوا (عوض أنهن خرجن) من بيوت فيها رجال!”.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display(‘div-gpt-ad-1608049251753-0’); });

وتعليقا على هذا “النداء”، دعت تعبيرات مجتمعية إلى تناول الموضوع “بشكل أمني صرف؛ لأن مثل هذه التصرفات غير قابلة للنقاش في دولة القانون، ومحسوم فيها داخل المجتمعات الحديثة، حيث لا يُسمَح أبدا بممارسة الوصاية على أي شخص”.

واعتبرت تعبيرات مجتمعية هذا المنشور تعبيرا عن رأي ما دام لا يتضمن تحريضا على العنف؛ فيما احتفت به تعبيرات مجتمعية أخرى قائلة إن “هذه الكلمة، التي كتبها مواطن مغربي غيور على دينه، هي كلمة حق تعبر عن وجدان كل شاب مغربي يخرج إلى الشارع في نهار رمضان فيرى المناظر المستفزة”.

التبرج حرام

وفي تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، يسلط لحسن بن إبراهيم السكنفل الضوء على أربع نقط يثيرها الموضوع؛ فـ”التبرج حرام بنص القرآن الكريم”، و”توجيه المجتمع وإرشاد الناس مسؤولية العلماء والدعاة والمفكرين ورجال التربية ونسائها (…) ولا يمكن منع كل هؤلاء من قول الحق بدعوى الحرية”، و”مسؤولية الآباء في تربية أبنائهم على الفضيلة وعلى الالتزام بالإسلام عقيدة وشريعة وسلوكا وعلى احترام الآداب العامة مقررة شرعا وطبعا وخلقا”، و”الدولة وحدها بمؤسساتها القضائية والتنفيذية هي المسؤولة عن رفع المفاسد ودرء المنكرات بما لديها من سلطات خولها لها القانون”، ويجب “عدم الافتئات على العلماء المسؤولين على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باللسان باعتبارهم نوابا عن أمير المؤمنين في القيام بهذا الواجب”.

وفي النقطة الأولى يقول الفقيه المغربي إن “التبرج حرام بنص القرآن الكريم”؛ فقد “قال تعالى مخاطبا زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وهن القدوة للمؤمنات: (ولا تبرجن تبرج الْجاهلِية الأولى) [سورة الأحزاب آية 33]، وقال سبحانه مخاطبا المؤمنات: (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمورهن على جيوبهن…) [سورة النور آية 31]”.

ويضيف السكنفل شارحا: “المقصود بقوله تعالى: (إلا ما ظهر منها) عند جمهور العلماء “الوجه والكفان” بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم لأسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما لما دخلت عليه في غرفة أختها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وقد كانت تدخل عليه وهي صغيرة بثياب رقاق، فلما دخلت عليه وقد بلغت أشاح عنها بوجهه، وقال لها: “يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لا يصح أن يظهر منها إلا هذا وهذا، وأشار إلى الوجه والكفين”، كما “قال سبحانه وتعالى موجها نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك وَنساء الْمؤمنين يدنِين عليهن مِن جلابِيبهن ذلك أدنى أن يُعْرَفْنَ فلا يُؤْذَيْنَ وكان اللَّه غفورا رحيما) [سورة الأحزاب آية 59]”.

إرشاد الناس

وفي النقطة الثانية يقول المتحدث ذاته إن “توجيه المجتمع وإرشاد الناس مسؤولية العلماء والدعاة والمفكرين ورجال التربية ونسائها؛ فالرسالة كبيرة والمسؤولية جسيمة، ولا يمكن منع كل هؤلاء من قول الحق بدعوى الحرية”، لأن “في منعهم مصادرة لحرية التعبير، ومصادمة لأبسط حقوقهم في البيان والبلاغ، إلا أن البلاغ يجب أن يبتعد عن أسلوب التهديد والوعيد، وإشاعة الفتنة، وبث الفرقة داخل المجتمع”.

ويستحضر السكنفل “منع النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين في مكة من الرد على إيذاء كفار قريش لهم ورفع السلاح في وجههم، درءا للفتنة وللحرب الأهلية بين مكونات المجتمع في مكة”، مضيفا: “بل دعاهم إلى الصبر والمصابرة حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا، (ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة وإِن الله لسميع عليم) [سورة الأنفال آية 43]

وفي النقطة الثالثة يذكر رئيس المجلس العلمي المحلي لعمالة الصخيرات تمارة أن “مسؤولية الآباء في تربية أبنائهم على الفضيلة وعلى الالتزام بالإسلام عقيدة وشريعة وسلوكا وعلى احترام الآداب العامة مقررة شرعا وطبعا وخلقا”، ثم يزيد: “قال تعالى عن سيدنا لقمان عليه السلام: (وإِذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بِالله إِن الشرْك لظلم عظيم إن أنكر الأصوات لصوت الحمير) [سورة لقمان آية 12 – 18]”.

ويذكر الفَقيه المغربي أن “توجيه العلماء والدعاة ليس وصاية على أي أحد، فليسوا “إكليروس” ولا كهنة، بل هو واجب شرعي لا بد أن يقوموا به رعاية للأمانة الملقاة على عاتقهم؛ فقد قال تعالى: (ولتكن منكم أُمَّةٌ يدعون إِلى الخير ويأمرون بِالمعروف وينهون عن الْمنكر وأولـئك هم المفلحون) [سورة آل عمران آية 104]”.

مهام الدولة

وفي النقطة الرابعة يؤكد السكنفل على أنه “ليس من حق أي كان أن يقوم بمهمة الدولة، حتى العلماء والدعاة أنفسهم”؛ فـ”الدولة وحدها، بمؤسساتها القضائية والتنفيذية، هي المسؤولة عن رفع المفاسد ودرء المنكرات، بما لديها من سلطات خولها لها القانون الذي دلت عليه الآية كلها منعا للفتنة، والفتنة أشد من القتل، بدعوى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”.

ويضيف المتحدث ذاته: “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم الركائز التي يقوم عليها المجتمع المسلم، فقد قال تعالى: (كنتم خير أُمة أخرجت للناس تأْمرون بالمعروف وتنهون عن الْمنكر وتؤمِنون بِاللّه) [سورة آل عمران آية 110]، و”قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “لتأمرُنَّ بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عذابًا من عنده، ثم تدعونه فلا يستجيب لكم” (ورد في) سنن الترمذي”.

ويضبط السكنفل القيام بهذه المهمة قائلا إنها تستدعي “الالتزام بالضوابط الشرعية؛ وأهمها عدم الافتئات على العلماء المسؤولين على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باللسان، باعتبارهم نوابا عن أمير المؤمنين في القيام بهذا الواجب، قولا للحق ودفعا للباطل بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة، بعيدا عن التفسيق والتبديع والتهديد والتكفير وبث الفرقة وإشاعة الفتنة”.

كما ينبه الفَقيه إلى ضرورة “عدم الافتئات على السلطات القضائية والتنفيذية التي من مسؤوليتها وحدها دفع المنكر بالقوة واستئصال الفساد، باعتبارها الحامية للمجتمع من كل ما يمكن أن يلحق به الضرر ماديا ومعنويا؛ فإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، كما قال سيدنا عثمان بن عفان”.

The post السكنفل: تبرج النساء حرام .. والابتعاد عن خطاب "التهديد والوعيد" واجب appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.

hespress.com