لم تكن لتمر وفاة رضيعة الممثل المغربي أنس الباز مرور الكرام، بعدما خلفت نقاشا بلغ إلى حد الإشارة إلى “العين” وإرجاعها سببا مباشرا في موت الصغيرة في شهرها الثالث. وتداول عدد من نشطاء موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” صورا لحفل العقيقة، حيث قلد بطل “كازانيكرا” البروتوكول الملكي خلال المناسبة السعيدة.

ويؤمن عدد من المغاربة بحقيقة “العين”، إذ لا يمكن أن يبدأ النقاش بخصوصها دون تداول لازمة “العين حق”؛ بل إن من الناس من يجعلها سببا يعلق عليه فشل مشروعه أو فقدان عمله أو طلاق أو حادث وغيرها من الأمور السلبية التي قد تصادفهم في الحياة الدنيا، حيث يصفونها بالقوة الخارقة القادرة على تحويل حياة البشر إلى كابوس وجحيم.

ويستند عدد من متبني هذا الطرح إلى مرويات من التراث الإسلامي؛ من قبيل “العين تدخل الرجل القبر، والجمل القدر”، وحديث آخر منسوب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم: “أكثر من يموت في أمتي بعد قضاء الله وقدره بالعين”، لتبقى حقيقة “العين” وتأثيرها معلقة بين العلمي والديني والخرافي.

“التقواس” يقتل

“العين صعيبة تقتل الكسيبة وتخوي الزريبة”، بهذا المثل الشعبي المتجذر في الثقافة الشعبية المغربية بدأ إسماعيل حديثه لهسبريس، مؤكدا: “أنا من النوع الذي تؤثر فيه العين وكنتسخسخ”، كما وقع ضحية للعين غير ما مرة وزاد: “كنبقى نحس براسي عيان ومهلوك وكثير التثاؤب”.

وتابع الشاب الثلاثيني بأنه يخشى الإصابة بـ”العين” من لدن زملائه ومعارفه بسبب نظرات الحسد التي تملأ عيونهم، ولا يخفي تأثره بـ”عين” الأقارب أيضا بسبب أناقته وعمله ومظهر الحسن، فقد “أَضحى هاجسا نفسيا يطاردني أينما حللت وارتحلت”.

“العين” ومشيئة الله

محسن اليرماني، باحث في العقيدة والفكر، قال إن القرآن الكريم وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم تثبت حقيقة “العين”، مؤكدا أن ضررها قد يصاب به أي إنسان، واستشهد بوصية يعقوب عليه السلام لأولاده حين أوصاهم بالدخول من أبواب متفرقة خوفا عليهم من العين والحسد؛ لكن الآية الكريمة، يقول الباحث ذاته، تشير أيضا إلى أن وقوعها لا يتم إلا بقدر من الله وقضائه مستندا بقوله تعالى: “وقال يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة، وما أغني عنكم من الله من شيء، إن الحكم إلا لله، عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون”.

وزاد اليرماني موضحا: “نستخلص من هذه الآية بأن يعقوب يوصي أولاده بالأخذ بأسباب تجنب العين، مع صدق التوكل على الله، لأن مشيئة الله وحكمه نافذ، لا راد له”.

وقال المتحدث ذاته إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوصي عائشة رضي الله عنها بأن تسترقي من العين، والرقية من العين تكون بذكر الله تعالى وقراءة القرآن، كما أخبرنا (ص) بأن العين حق، وعلى المسلم تحري أعراض العين وتمييزها عن بقية العلل الأخرى؛ كحالة الاكتئاب الحاد والشعور بالضيق والقلق والحيرة والتردد أو الوسواس.

ويؤكد الباحث المغربي، في حديث لهسبريس، أن العين حق وينبغي للمسلم أن يحتاط من أن تصدر عنه بأن يبارك الله إذا رأى ما يسره ويعجبه، وأن يحتاط بأن تقع عليه بكتمان النعم وتوطين النفس على الدعاء وذكر الله تعالى. ومنهج الوسطية والاعتدال يقضي بأن لا يهول المسلم من أمر العين؛ فقد يصاب ببعض العلل والأمراض التي لا علاقة لها بالعين والحسد، فكل شيء بقدر”.

hespress.com