بخلاف الحُكم الصادر عن المحكمة الابتدائية بمدينة القنيطرة منذ أسبوعين، والذي قضى بتمكين مواطن يمتهن التجارة الحرة من تأجيل تسديد أقساط قرض استهلاكي بذمته لمدّة ستة أشهر، بعلّة أنّ مهنته تضررت من جراء تداعيات جائحة كورونا، رفضت المحكمة المدنية بالدار البيضاء طلب مواطن بإيقاف الالتزامات المترتّبة عن قرض للسكن في حدود سنتين.

المدّعي يشتغل مضيفَ طيران لدى شركة الخطوط الملكية المغربية، وجاء في حيثيات المقال الاستعجالي الذي تقدم به إلى المحكمة المدنية بالدار البيضاء أن الأزمة المالية التي تعاني منها الشركة المشغّلة له بسبب تداعيات جائحة فيروس كورونا، والتي أدّت إلى إيقاف الرحلات الجوية خارج المغرب، جعلت أجرته تنخفض في بعض الحالات إلى أقل من 2600 درهم، أي أقلّ بتسْع مرّات عن أجرته العادية.

ويقلّ الأجر، الذي يحصل عليه المدّعي في بعض الحالات بسبب الخسائر المالية التي تكبّدتها شركة الخطوط الملكية المغربية، عن القسط الشهري الذي يؤديه إلى البنك الذي أخذ منه قرضا لشراء مسكن، والذي يزيد على 3500 درهم، مشيرا في المقال الذي تقدم به إلى المحكمة إلى أن الحالة الاجتماعية غير المتوقعة التي يمر منها نتيجة تفشي جائحة فيروس كورونا جعلته عاجزا عن تسديد الأقساط المترتبة عن القرض البنكي الذي استفاد منه.

والتمس المدعي، بناء على الفصل 149 من قانون حماية المستهلك، إيقاف التزاماته المترتبة عن عقد القرض مؤقتا، ابتداء من توقفه عن الأداء إلى غاية زوال الجائحة، ورفْع حالة الطوارئ الصحية بالبلاد في حدود سنتين مع وقف احتساب الفوائد، وإعادة جدولة الديْن بتخفيض أقساط الدفوعات إلى الحد الذي يتلاءم مع الأجر المستحق بعد انتهاء فترة الإمهال القضائي.

المحكمة المدنية بالدار البيضاء، وبعد نظرها في ملف القضية، قدمت تأويلا للفصل 149 من قانون حماية المستهلك مختلِفا عن التأويل الذي أوّلته به المحكمة الابتدائية بمدينة القنيطرة؛ ففي الوقت الذي منحت هذه الأخيرة مهلة قضائية للمواطن الذي ادّعى أن جائحة كورونا أثّرت على مداخيله المتأتية من عمله الحر حُٰدّدت في ستة أشهر قبل أن يستأنف دفع أقساط قرض شراء سيارة، اعتبرت محكمة الدار البيضاء أن وضعية مضيف الطيران التي عُرضت عليها قضيته “لا تشكل حالة اجتماعية غير متوقعة، المنصوص عليها في المادة 149 من قانون حماية المستهلك”.

وينص قانون حماية المستهلك في المادة المذكورة على أنه “يمكن، ولا سيما في حالة الفصل عن العمل أو حالة اجتماعية غير متوقعة، أن يوقف تنفيذ التزامات المدين بأمر من رئيس المحكمة المختصة، ويمكن أن يقرر في الأمر على أن المبالغ المستحقة لا تترتب عليها فائدة طيلة مدة المهلة القضائية”.

المحكمة المدنية بالدار البيضاء رفضت طلب المدّعي إمهاله مهلة قضائية لمدة سنتين يتوقف خلالها تسديده للأقساط المترتبة عن القرض البنكي الذي استفاد منه، معللة قرارها بكونه لم يفقد دخْله الشهري، وأن أساس تطبيق المقتضيات الواردة في المادة 149 من قانون حماية المستهلك “هو فقدان الأجر، مما تبقى مقتضياته غير متوفرة، مما يتعين معه رفض الطلب”، محمّلة صائر الدعوى لخاسرها.

hespress.com