مِن إعداد التّقارير عن سير الصلاة والإرشاد والوعظ التطوّعيّ بالمساجد، وصولا إلى أحوال المساجد واحتياجاتها، والحاجة إلى بنائها، تتعدّد أعمال القيّمين الدينيّين، وتتفرّع، دون أن ترافق هذا “تسوية في وضعيتهم”.

وبعدما سبق التّطرّق إلى مجموعة من المشاكل التي يعيشها القيّمون الدينيون في أسئلة برلمانية، ومراسلات إلى وزارة الأوقاف والديوان الملكي والمجلس العلمي الأعلى، يلتمس قيّمون دينيون من وزارة الأوقاف والشّؤون الإسلامية الالتفات إلى وضعيتهم لتسويتها “لكي يزيد الإنتاج والمردودية”.

ويشتكي قيّمون دينيون، التقت بهم هسبريس، مِن هشاشة وضعيتهم بسبب عدم اعتبارهم موظَّفين، فالأجرة التي يتوصّلون بها تتراوح في حالة القيمين من متفقدي المساجد بين 2800 درهم بالنسبة للمنسّق و2000 درهم للمتفقّدين المساعدين مع شرط التفرّغ، كما أنّ مهامّهم الكثيرة قد تشعّبت وأضيفت إليها مجموعة من الأعمال الجانبية، دون تعويض عن التّنقّل أو المكالمات أو حوادث الشّغل.

وتُحَدّد مهامّ فئة القيمين الدينيين المساعدين المكلّفين بالتّفقّد في مهام التواصل وتبليغ حصص الصلاة والمذكرات والخطب الموحَّدَة والاستداعاءات والقرارات، ومهام المراقبة والتقرير بمراقبة الهلال على صوامع المساجد، وإعداد تقارير عن حاجة الدواوير إلى مساجد للصلوات أو الجمعة، وتفقد حالات التوسع دون ترخيص، ومحتويات المساجد، ونظافتها، والعبث بممتلكاتها، و”التسوّل الاحترافي” بها، والأعمال الوعظية المرخّص لها وغير المرخّص لها، مع إعداد تقارير عن الإخلال بالتزامات القيمين الدينيين.

ويقول قيّمون دينيون مساعدون إنّ هذه المهامّ أضيفت إليها جملة من الأعمال غير المنصوص عليها مع مرور السّنوات، من قبيل المشاركة في بعثة الحجّ، والتنسيق في عملية ضمّ المساجد إلى الأوقاف، والإشراف على انتقاء المشفّعين في شهر رمضان، وإعداد تقارير عن قراءة الحزب الراتب وصلاة الجمعة وتوقيت الأذان والإقامة.

ولكن هذه الأعمال المضافة لا تلقى دائما قبول القيّمين، الذين يجد بعضهم أنفسهم مضطرّين لإيصال المراسلات إلى المصالح الخارجية من عمالات ومدارس للتّعليم العتيق، وكذا البريد والمحكمة…والمشاركة في “التفريش” عند إعداد المصلّيات، وحمل الطّاولات والكراسي والزّرابي واللّافتات وغيرها في مجموعة من الأنشطة، مع إمكان إنهاء أعمالهم من المندوبين في أيّ لحظة، ما يجعلهم في وضعية ضعف أمامهم، لا يستطيعون معها وضع حدّ فاصل بين مهامّهم وما يسند إليهم من مهام لا ينبغي عليهم القيام بها.

ويتخوّف القيمون الدينيون، وفق التّصريحات ذاتها، من وضعهِم ووضع عائلاتهم إذا ما طرأ طارئ على صحّتهم، أو إذا ما فارقوا الحياة؛ إذ يغيب التقاعد، وترتبط أعمال التفقد والتّحقّق والتنسيق، على سبيل المثال لا الحصر، بالمتابعة الميدانية التي تحتاج السلامة الجسدية، خاصّة مع عدم وجود وقت عمل محدّد، حيث يكون ليلا ونهارا، وفي نهاية الأسبوع، وخلال الأعياد الدينية والوطنية.

ويقدّم المتحدّثون مثالا بعملية تعقيم المساجد، مؤخّرا، قائلين إنّ القيّمين ظلّوا حاضرين فيها إلى أن انتهى تعقيم جميع المساجد، حتى ساعات متأخّرة من الليل.

ورغم اعتبار الوزارة هذه الفئة متعاقدة، ينفي المتحدّثون توقيعهم أيّ تعاقد رغم عملهم لسنوات، ويسجّلون غياب تعيينهم، ثم يزيدون باسطين أوجه عدم اليقين المهنيّ الذي يعيشونه: “أنت في وضع مهين حقيقة، “مكتوب بالطّبشور”، تعمل، وتبحث عن عمل في الوقت نفسه”.

ومع “ما أثبته المتفقّدون من جودة ومردودية ظهرت في الصّدى الطيّب لمشاركتهم في الحجّ”، وفق تصريح أحد القيمين الذين التقت بهم هسبريس، وما يسند إليهم من مهامّ ميدانية، “تسهم في النموذج المغربيّ الرّائد في تدبير الشّأن الديني”، يلتمس القيّمون الدّينيون تسوية وضعيتهم، بالرّفع من أجورهم، وتعويضهم عن التّنقّل والمكالمات، ومجموعة من المهامّ المسندة إليهم، لوضع حدّ لحالة اللايقين المهنيّ التي يعيشونها هم وعائلاتهم.

وينصّ الظهير الخاصّ بتنظيم مهام القيّمين الدينيّين على أنّهم “أشخاص متعاقدون مع الدولة، ممثلة في السلطة الحكومية المكلفة بالأوقاف والشؤون الإسلامية، والأشخاص المكلفين من قِبلها”، ولهم مهامّ دينية ومهامّ مساعدة، تتمثّل الأولى في الإمامة والتّأطير والإرشاد والخطابة والأذان وقراءة الحزب، وتتمثّل الثانية في الحراسة والنّظافة والتّفقّد.

وينصّ الظهير على إمكان إضافة مهام دينية أو مهام مساعدة للقيّمين، بقرار للسّلطة الحكومية المكلّفة بالأوقاف والشّؤون الإسلامية، كلّما اقتضى الأمر ذلك، كما ينصّ على استفادة القيمين الدينيين المتعاقدين من الحقّ في أجرة شهرية، والحقّ في الترقّي، والحقّ في رخصة إدارية والرخص الصحية، وينصّ على حقّ القيمين المكلَّفين في مكافأة عن مهامّهم، ومنحة عن إنهاء تكليفهم بالمهامّ الدينية، باستثناء رواية الحديث وقراءة الحزب.

وينصّ الظّهير ذاته على استفادة القيمين عند تنقّلهم لأغراض المصلحة من التعويضات عن التنقّل، واستفادتهم، باستثناء قرّاء الحزب ورواة الحديث، من الخدمات الاجتماعية لمؤسسة محمد السادس للنّهوض بالأعمال الاجتماعية للقيّمين الدّينيّين، مع الاستفادة من التغطية الصحية.

وفي هذا السياق، يقول مصدر من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، إنّ عمل القيّمين الدينيين يتمّ وفق الظهير المنظِّم لعملهم، ويذكر أنّ عملهم ليس وظيفة بل له علاقة بالجانب الروحاني.

ويزيد المصدر ذاته: “القيمون الدينيون لا يُقَدِّمُون خدمة، بل لهم علاقة تعاقد، بين الجماعة والإمام والقيّم والمرشد، عبر الشّرط”، قبل أن يضيف مجملا: “هذه ليست خدمة إدارية حتى يتمّ إدماجهم في الوظيفة العمومية”.

hespress.com