محمد العلامي وحورية الفوطي، المقيمان بحي بنسودة بفاس، كفيفان التقيا للمرة الأولى في أحد المراكز التربوية للمكفوفين، حيث جمعتهما مقاعد الدراسة لسنوات قبل أن تقودهما رحلة الحياة إلى الارتباط بالميثاق الغليظ والعيش سويا تحت سقف واحد، ليبدآ مسيرة جديدة مليئة بالتحديات لظروفهما الخاصة.

“ولدت فاقدا للبصر، وتابعت دراستي بمركز المكفوفين إلى غاية مستوى الثالثة إعدادي، وهناك تعرفت على التلميذة الكفيفة حورية، لأتزوجها بعد ذلك، وكان هذا قبل 14 سنة من الآن”، هكذا لخص لهسبريس محمد العلامي قصة زواجه بشريكة حياته حورية الفوطي، مؤكدا أن الحياة الزوجية بين كفيف وكفيفة لا تختلف عن مثيلتها لدى الأسوياء، “حيث يكمل كل طرف منهما الطرف الآخر”.

وأضاف محمد، البالغ من العمر 38 سنة، أن زوجته تتكفل بجميع أشغال البيت بمساعدة أطفالهما الثلاثة، انثيين وذكر، الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و13 سنة، مشيرا إلى أنه يقضي يومه داخل مركز إدماج المكفوفين بحي الزيات بفاس التابع للمنظمة العلوية لرعاية المكفوفين بالمغرب، حيث تم إدماجه هناك في ورشة للدرازة.

“توكلت على الله وتزوجت بحورية التي لم يكن بمقدوري الزواج من غيرها”، يوضح محمد دون أن يستطيع حبس ضحكته وهو يذكر شريكة حياته بأنه وفى بوعده في الزواج منها ولم يخذلها بالارتباط بأخرى، مبرزا أنه راض عن قراره، ولم يندم على زواجه بحورية التي أحبها وأحبته في ريعان الشباب.

وأكد الضرير ذاته أن ما يعكر صفو أسرته عدم امتلاكها لبيت تستقر تحت سقفه، و”لو كان عبارة عن غرفة واحدة”، مشيرا إلى أنه يجد نفسه في نهاية كل شهر مضطرا لتدبر مبلغ 750 درهما قيمة السومة الكرائية للشقة التي يقيم فيها حاليا. مبلغ قال المتحدث لهسبريس إنه يوفره بفضل تآزر بعض المحسنين.

وأوضح محمد أن أسرته تضطر في كل مرة إلى البحث عن شقة جديدة وتحمل مشقة حمل الأثاث إليها، موردا أن ما يتقاضاه مقابل عمله في ورشة الدرازة بمركز المكفوفين لا يكاد يغطي حتى مصاريف الماء والكهرباء، وأن أطفاله يسألونه دائما إن كانوا سيقضون حياتهم في الترحال من بيت إلى آخر.

من جانبها، قالت حورية الفوطي، زوجة الكفيف محمد، إنها تعرضت لفقء إحدى عينيها في حادث عرضي لما كان عمرها 6 سنوات، وبدأ نظرها بالعين الأخرى يضعف شيئا فشيئا لتصاب قبل 9 سنوات بالعمى الكلي، مبرزة أن أطفالها لا يعيشون حياتهم مثل باقي أقرانهم، حيث يضطرون للمكوث بجنبها داخل البيت لمساعدتها على القيام بأشغاله المختلفة.

وأبرزت حورية، وهي تتحدث لهسبريس، أنها تابعت تعليمها بمركز المكفوفين إلى غاية مستوى البكالوريا، قبل أن تضطر للانقطاع عن الدراسة بسبب الصعوبات التي كانت تعترضها لانحدارها من البادية وانتمائها لأسرة فقيرة، لتقرر الزواج بمحمد وبناء عش الزوجية بمعيته، بعد أن كانا قد تواعدا على ذلك عند تعارفهما داخل المركز التربوي للمكفوفين.

“نشعر بعدم الاستقرار، ويطاردنا دائما هاجس الإفراغ”، تؤكد حورية محنة أسرتها مع السكن، مشيرة إلى أن البحث باستمرار عن بيت جديد يعد كابوسا حقيقيا بالنسبة إليها، نظرا إلى غلاء الشقق المخصصة للكراء بمدينة فاس من جهة، وتردد أصحابها في إيجارها لزوجين كفيفين من جهة أخرى مخافة عدم قدرتهما على توفير مبلغ الكراء.

للتواصل مع هذه الحالة، يرجى الاتصال برب الأسرة محمد العلامي عبر هاتفه الخاص رقم: 0635550820

hespress.com