“ممنوع لغير المسلمين”؛ تنتصب العبارة المكتوبة بالعربية والفرنسية والإنجليزية في مدخل مسجد ملينة وسط مدينة الرباط، وتَعني أنّ من ليس مسلما غير مسموح له بالدخول إلى هذا المسجد.

عند الباب الرئيسي لمسجد السُّنة أيضا توجد لوحة تحمل عبارة بالمعنى نفسه، وثمّة جمل بهذا المضمون منقوشة عند أبواب مساجد كثيرة في المملكة، خاصة في المدن السياحية.

تبدو عبارة “ممنوع لغير المسلمين” متنافرة مع التوجه الذي ينهجه المغرب لتكريس التعايش بين الأديان، لكن الغريب في الأمر هو أن بلدانا إسلامية لا تمنع غير المسلمين من دخول المساجد، بينما اختار المغرب منْع أي شخص لا يدين بدين الإسلام من تخطي أعتاب مساجد المملكة.

وبالعودة إلى أصل هذا القرار، نجد أنه لا يستند إلى أي سند شرعي، بل هو نتاج قانون وضعي لم يأْت به المغاربة، وإنما سنّه المقيم العام الفرنسي الماريشال “ليوطي” إبان استعمار فرنسا للمغرب.

يوضح محمد عبد الوهاب رفيقي، الباحث في الدراسات الإسلامية، أن قرار منع غير المسلمين من دخول المساجد في المغرب، “هو واحد من مآسي (السياسة الإسلامية) التي أنتجها الماريشال ليوطي”.

ويضيف رفيقي، في تصريح لهسبريس، أن ليوطي كتب إلى السلطات الفرنسية، عندما كان مقيما عاما لفرنسا بالمغرب مطلع القرن العشرين، يطلب الإذن بوضع “سياسة إسلامية” يتقرب بها إلى الشعب المغربي، حتى يتفادى الاصطدام معه كما وقع في تجربة استعمار الجزائر.

منْع غير المسلمين من دخول المساجد ليس فقط يتعارض مع قيم التعايش والتسامح التي اتخذها المغرب منهجا في تدبير المجال الديني، بل إنه يتعارض حتى مع الأدبيات الإسلامية التي لم يَردْ فيها ما يفيد ذلك.

ويستند بعض الفقهاء الذين يروْن عدم جواز دخول غير المسلمين إلى المساجد إلى الآية “يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجَسٌ فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا”، غير أن هذه الآية خاصّة بالمسجد الحرام دون سواه من المساجد، وفق آراء فقهاء آخرين.

ويوضح محمد عبد الوهاب رفيقي أنّ السيرة النبوية حافلة بما يُثبت أن غير المسلمين لم يكونوا يمنعون من دخول المسجد في عهد النبوة، حيث ورد أن الرسول ربط ثمامة بن أثال، وهو أحد زعماء المشركين، قبل إسلامه إلى سارية في المسجد النبوي بعد أسْره، مشيرا إلى أن هذا الأمر لم يكن مطروحا في المغرب قبل سنّ ليوطي لـ”السياسة الإسلامية”.

ويرى رفيقي أن الإبقاء على قرار منع غير المسلمين من دخول المساجد، “ليس منطقيا ولا مقبولا ونحن نتحدث عن التعايش والتسامح”، مضيفا: “لا يُعقل أن أدخل إلى كنيسة أو معبد يهودي بينما يمنع غير المسلمين من دخول المساجد”.

وينبّه المتحدث إلى أنّ ما ينبغي فعلا هو أن تُفتح أبواب المساجد لغير المسلمين، لكي يطّلعوا على ما تتميز به من معمار وما يُقام فيها من طقوس دينية من أجل التعرف أكثر على المسلمين.

hespress.com