أمام الإكراهات التي فرضتها جائحة “كورونا” على قطاع التعليم بصفة عامة، وعلى مؤسسات التعليم الأولي والابتدائي بصفة خاصة، نجحت “Act4Community” بخريبكة في استئناف أنشطتها التربوية والتعليمية بما تقتضيه الظرفية من إجراءات احترازية وتدابير وقائية لحماية صحة وسلامة المستفيدين من خدماتها والمشاركين في مبادراتها.

وتعتبر التربية والتعليم من المحاور ذات الأولوية ضمن أهداف مبادرة “A4C”، التي تُشرف على مجموعة من البرامج الرامية إلى توفير الوسائل اللازمة للتلاميذ، وتمكينهم من متابعة الدراسة في ظروف جيدة بُغية الحد من الهدر المدرسي، خصوصا بالعالم القروي.

ومن بين المبادرات التي قامت بها “Act4Community”، التابعة للمجمع الشريف للفوسفاط بخريبكة، مؤخّرا، استئناف العمل بمركز التعليم الأولي بنجلول بخريبكة، الذي يستقبل أطفالا لا تتجاوز أعمارهم 5 سنوات، والمركز السوسيو تربوي لخريبكة، الذي يقدّم المساعدة لتلاميذ السلك الابتدائي في إطار ما يُعرف بـ”حصص الدعم والتقوية”.

وفي جولة أجرتها هسبريس بالمركزين المذكورين، لوحظ حِرص العاملين بهما على احترام التدابير الوقائية، التي تفرضها الظرفية الراهنة المرتبطة بتفشي “كوفيد- 19″، خاصة على مستويي التشوير والتحسيس، ووضع الكمامات الوقائية، واستعمال المعقمات ومواد التنظيف، واحترام التباعد الجسدي داخل الحجرات الدراسية وباقي مرافق المركزيْن.

مركز التعليم الأولي بنجلول

مركز التعليم الأولي بنجلول بخريبكة مشروع أُنجز لفائدة أبناء الأسر محدودة الدخل القاطنة بالأحياء السكنية المجاورة، ويتابع فيه الأطفال دراستهم الأولية، وفق إطار منهجي مصادق عليه من قبل وزارة التربية الوطنية، ويعتمد على التربية والتعلم والتفتح، عبر أنشطة الحياة المدرسية والأنشطة الموازية، والتربية على المواطنة، والتربية الدينية.

ويتوفر المركز، وهو مركب تعليمي للقرب أنشأه المجمع الشريف للفوسفاط سنة 2017، على مجموعة من المرافق التي استفاد منها أزيد من 600 طفل منذ بدء العمل بها، فيما حرص القائمون على تدبير شؤون المؤسسة على تجهيزها بعتاد رقمي لتسهيل تقديم الدروس بما يتناسب وأعمار تلاميذ التعليم الأولي، الذين بلغ عددهم خلال الموسم الدراسي الجاري 139 طفلا.

تحسّن تعليمي وارتياح أُسَري

والدة تلميذة بمركز التعليم الأولي بنجلول أوضحت أنها أُعجبت بالخدمات والأنشطة التي ينظمها المركز، وأنها لمست تحسنا واضحا لدى ابنتها منذ الأسبوع الأول الذي قضته بهذه المؤسسة التعليمية، خاصة ما يتعلق بالتواصل وطلاقة اللسان والانسجام مع المربيات، سواء خلال فترة التعليم الحضوري أو التعلّم الذاتي.

وأضافت المتحدثة ذاتها، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنه “في الوقت الذي انتشرت فيه جائحة “كورونا”، وتعذر على الأطفال الالتحاق بالمركز، حرصت الأطر الإدارية والتربوية على اعتماد التدريس عن بعد، من أجل تسهيل المأمورية على الأطفال والآباء على حد سواء”.

وقالت، في حديثها عن مرحلة ما بعد استئناف الدراسة الحضورية، إن “المؤسسة ملتزمة بمختلف التدابير والإجراءات الاحترازية للحماية من فيروس “كورونا”، خاصة على مستوى التباعد الجسدي والتعقيم ووضع الكمامات، سواء بين الأطفال أو الأطر التربوية والإدارية وباقي العاملين بالمركز”.

وأكّدت والدة الطفلة على أن “الأنشطة بمركز التعليم الأولي بنجلول متنوعة، حيث يتم الاحتفال بالأعياد الوطنية والدينية، كعيد المولد النبوي الشريف وذكرى المسيرة الخضراء…، مع الاحترام التام للإجراءات الاحترازية التي تفضرها الظرفية الراهنة”.

من جانبه، أشار والد تلميذ بالمركز ذاته إلى أن “تأسيس مركز للتعليم الأولي من هذا النوع يُعتبر مبادرة جيدة وتهمّ الصالح العام، إذ أن المستوى الثقافي للأطفال يتطور ويتحسن يوما بعد يوم، وتكاليف الدراسة بهذه المؤسسة في مستطاع أسر الأطفال بمختلف مستوياتهم الاجتماعية”.

وبعدما أشار إلى حرص المؤسسة على توفير شروط السلامة للأطفال والمدرسين منذ لحظة ولوجهم باب المركز إلى غاية خروجهم منه، قال المتحدث: “بالنظر إلى مستوى وأهمية هذا المركز، نتمنى من القائمين عليه توسيع دائرة الخدمات لتشمل أيضا مختلف المستويات الدراسية للسلك الابتدائي”.

الرؤية البيداغوجية للمركز

ومن أجل التعريف بمركز التعليم الأولي بنجلول، قال مديره التربوي، محمد بكوري، إن “هذه المؤسسة التربوية تستقبل الأطفال، الذين تتراوح أعمارهم بين 3 و5 سنوات، وتهدف أساسا إلى تنمية قدرات الطفل الحس- حركية، والبدنية، والذهنية، والخيالية، والجمالية أيضا، وتعمل على توفير مناخ مناسب ليكتسب الطفل شخصية متوازنة على المستويين البدني والوجداني”.

وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “مركز التعليم الأولي بنجلول جاء في إطار شراكة بين المؤسسة المغربية للنهوض بالتعليم الأولي والمجمع الشريف للفوسفاط”.

وأكّد محمد بكوري على أن “الهدف الأسمى الذي يحاول المركز بلوغه يتمثل في تحقيق تكافؤ الفرص بين جميع الأطفال المغاربة، وتهيئتهم لولوج السلك الابتدائي، وفق رؤية بيداغوجية تعتمد على ثلاثة محاور أساسية”.

وتتمثل هذه المحاور، وفق بكوري، في “التفتح، أي اكتشاف وتنمية القدرات الإبداعية للطفل عبر المشاريع التربوية والأنشطة الموازية كالمسرح والموسيقى والأناشيد”، و”التربية عن طريق تنشئة الطفل بشكل متوازن على المستوى الديني، وما يرتبط أيضا بالتربية على المواطنة”، و”التعلم، من خلال اكتساب مهارات القراءة والكتابة والحساب وفك الرموز والتموقع في الزمان والمكان”.

خدمات المركز السوسيو تربوي

وفي إطار المبادرات التعليمية والتربوية، التي تشرف عليها “Act4Community”، فتح المركز السوسيو تربوي أبوابه لاستئناف تقديم حصص الدعم والتقوية لفائدة التلاميذ، بشراكة مع مؤسسة “سَنَدِي”، وتنسيق مع مدراء المدارس وجمعيات آباء وأمهات وأولياء أمور التلاميذ.

وبلغ مجموع التلاميذ المستفيدين من خدمات المركز، خلال الموسم الدراسي الجاري، حوالي 600 مستفيد، منهم 450 تلميذا بالجماعات القروية، ويشرف عدد من الأطر التربوية المؤهلة على تقديم دروس الدعم والتقوية، مستعينين في ذلك بمعدات رقمية متنوعة، من بينها 30 لوحة إلكترونية.

دعم وتقوية وتدابير احترازية

هدى قُوبَا، مُدرّسة اللغة الفرنسية بالمركز السوسيو تربوي لخريبكة، قالت إن “هذا المشروع يأتي في إطار شراكة بين مؤسسة “سَنَدِي” و”Act4Community” والمديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية بخريبكة”، موضّحة أن “عددا كبيرا من التلاميذ بالسلك الابتدائي (من المستوى الثالث إلى الخامس) يستفيدون سنويا من خدمات هذا المركز”.

وأضافت المتحدثة ذاتها، في تصريح لهسبريس، أن “هذه المؤسسة تقدم دروس الدعم والتقوية في مادّتي الرياضيات واللغة الفرنسية، يوميا من الساعة الخامسة إلى السابعة مساء، وتعتمد على مجموعة من الوسائل الرقمية لتبسيط الدروس ومساعدة المتعلمين على فهمها”، مشيرة إلى أن “الخدمات التربوية بالمركز تقدم في ظروف وقائية جيدة، حيث يتم الالتزام بالتباعد الجسدي ووضع الكمامات واستعمال المعقمات”.

ولا يقتصر المركز على مساعدة تلاميذ المجال الحضري فقط، تضيف هدى قُوبَا، “بل ينفتح أيضا على متعلّمي الوسط القروي، إذ تم توفير حافلتين مجهزتين بمجموعة من الوسائل التعليمية الرقمية من أجل التنقل إلى الجماعات القروية المفاسيس والفقراء وأولاد عزوز”.

وأوضحت المُدرّسة ذاتها أن الغاية من توفير “حافلات المعرفة” تتمثل في تقديم حصص الدعم والتقوية للمتعلمين بالوسط القروي، وفق برنامج مضبوط يهدف إلى مساعدتهم على تجاوز التعثرات التي قد تعترضهم في مسارهم الدراسي، وتذليل الصعوبات التعلّمية التي تواجههم في السلك الابتدائي”.

مبادرة “نقراو جميع”

وبخصوص تلاميذ وتلميذات السلك الثانوي، أطلقت “Act4Community” مبادرة تحمل اسم “نقراو جميع” في دورتها الثانية، من أجل إعداد وتأهيل تلاميذ الأسر المعوزة القاطنة بعدد من الجماعات التابعة لإقليم خريبكة، ومواكبتهم طيلة الموسم الدراسي، وخلال فترات إجراء الامتحانات الإشهادية الجهوية والوطنية.

وأشار القائمون على مبادرة “نقراو جميع” إلى أن “هذه الخطوة تهدف أيضا إلى تمكين التلاميذ المتفوقين من الولوج إلى المدارس العليا، كما تعمل على إدراج التنمية الذاتية ضمن برنامجها التربوي والتعليمي، فيما تتم عملية الدعم عن طريق التعليم عن بعد أو بشكل حضوري، مع احترام تام للبروتوكول الصحي، بتنسيق مع المديرية الإقليمية للتعليم”.

وأوضح المصدر ذاته أن “عدد المستفيدين من هذه المبادرة بلغ، خلال الموسم الدراسي الماضي، 352 تلميذا، وعرفت مشاركة 15 متطوعا من المكتب الشريف للفوسفاط؛ وتتميز هذه السنة بإشراك 12 أستاذا تابعا للمديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية، و25 متطوعا من المكتب الشريف للفوسفاط، فيما يستفيد 346 تلميذا من ثانوية الإمام علي بحطّان من برنامج مندمج بين “Act4Community” والثانوية”.

[embedded content]

hespress.com