عرف المغرب، خلال الأيام الأخيرة، عودة إلى تمسك عدد من المواطنين بالإجراءات الاحترازية ضد انتشار فيروس “كوفيد 19″؛ فبات من الملاحظ ارتداء الكمامات في الشوارع وعودة إلى الحديث عن خطورة المرض، وهي العودة التي عززها وساهم فيها ارتفاع عدد حالات الإصابة بشكل كبير خلال الأيام الماضية، وأيضا الخطاب الملكي الأخير الذي نادى بضرورة الالتزام بهذه الإجراءات، ناهيك عن فرض عقوبات وغرامات مالية ضد عدد من المواطنين.

جمال الدين البوزيدي، طبيب اختصاصي في الأمراض الصدرية والحساسية والمناعة ورئيس العصبة المغربية لمحاربة السل والأمراض التنفسية، عبّر عن تفاؤله بشأن التغيرات الحاصلة بالشارع المغربي في الوقت الحالي، قائلا إن “رد فعل الشعب المغربي في الوقت الحالي هو إيجابي”.

وتابع البوزيدي قائلا: “لقد وقع وعي نتيجة الصدمة لدى المواطنين بعد ارتفاع عدد الحالات، وبالتالي هناك رجوع وامتثال للأوامر والإجراءات الاحترازية للحد من المرض”، إضافة إلى أن الشعب تجاوب بإيجابية مع الخطاب الملكي الأخير؛ الأمر سيؤدي إلى محاصرة المرض.

وأوضح الطبيب الاختصاصي في الأمراض الصدرية والحساسية والمناعة أنه “في البداية، تم استغلال النجاح الذي حققه المغرب في المرحلة الأولى لمحاصرة الوباء بشكل عكسي؛ وهو ما أدى إلى انتكاسة وإطلاق دعاية مفادها أن الأمر يتعلق بمجرد مرض وهمي”.

وأشار المتحدث إلى أن عدد الإصابات كان محدودا جدا ولا يتجاوز ثمانية آلاف إلى حدود شهر يوليوز، فيما عدد الوفيات لم يتجاوز المائتين، وكان معدل العدوى أقل من 0,7 بالمائة؛ فيما حاليا تضاعفت الأرقام، وباتت الإصابات تعد بعشرات الآلاف، وارتفع أيضا عدد الوفيات، “وهذا كله نتيجة للتراخي والخلط بين رفع الحجر الصحي ونهاية المرض” يؤكد المتحدث.

ولفت المختص إلى أنه من الناحية الوبائية كل حالة وبائية لها رد فعلها، مفيدا بأن القرارات التي تتخذها اللجنة العلمية وجلالة الملك والدولة المغربية هي رهينة بالحالة الوبائية للمغرب.

ويتابع البوزيدي: “نتمنى أن لا نصل إلى حجر صحي كامل، إذ ستكون له نتائج كارثية ووخيمة على كل الجوانب سواء الجانب الاقتصادي والمالي والنفسي والاجتماعي، وسيكون من القرارات الأليمة والصعبة”.

أما عن الأسباب التي قد تؤدي إلى عودة حجر صحي كامل فلخصها رئيس العصبة المغربية لمحاربة السل والأمراض التنفسية في قلة الإمكانيات، قائلا: “إمكانياتنا في المجال الصحي ومن حيث عدد الأطباء والممرضين والتقنيين محدودة، ولا يمكن مواكبة التزايد الكبير لعدد الحالات، كما أن عدد الأسرة في الإنعاش محدود”.

وضرب البوزيدي مثالا بالمملكة المتحدة التي كانت قد بدأت في سياسة معينة في مواجهة الوباء من أجل تكوين مناعة جماعية؛ “لكنها لم تستطع، لأنه كان لزاما أن توفر أكثر من ثلاثين مرة الإمكانيات البشرية والمادية المتوفرة لديها، وهو أمر غير ممكن” يقول المتحدث.

hespress.com