قبل إعلان المملكة المغربية استئناف علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، عقب المحادثات التي جمعت الملك محمدا السادس والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فإن الدستور المغربي حافظ على المكون العبري باعتباره رافدا من روافد الهوية الوطنية.
وتحدث تصدير دستور 2011 عن كون المملكة المغربية “دولة إسلامية ذات سيادة كاملة، متشبثة بوحدتها الوطنية والترابية، وبصيانة تلاحم مقومات هويتها الوطنية، الموحدة بانصهار كل مكوناتها، العربية – الإسلامية، والأمازيغية، والصحراوية الحسانية، والغنية بروافدها الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية”.
ويؤكد في هذا الصدد أستاذ القانون الدستوري محمد زين الدين أن الاعتراف بالمكون اليهودي ليس وليد الدستور الحالي للمملكة، وإنما تمت ممارسته قبل الاستقلال وبعده، إذ يوجد حرص منذ عهد الملكين الراحلين على الحفاظ على الهوية اليهودية.
ويرى أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية بالمحمدية، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن المغرب “حافظ على هذه الخصوصية منذ القدم، على اعتبار أن هناك تجذرا قويا للثقافة والهوية اليهودية التي تمثل مجالا للتلاقح لإغناء الثقافة المغربية، شأنها شأن الرافد الحساني أو الأندلسي”.
وشدد الباحث زين الدين على أن الدستور الجديد “عمل على دسترة هذا الرافد باعتباره نقطة غنى وتلاحق للهوية المغربية، وبالتالي حافظ المغرب عليه من خلال المتاحف وتشجيع وإبراز الثقافة اليهودية، وتشجيع المواسم الدينية”.
وأوضح الأستاذ ذاته، ضمن تصريحه، أن الدستور الحالي للمملكة “يندرج ضمن دساتير الحقوق وليس دساتير القوانين، إذ إنه حريص على ضمان مختلف الحقوق في صيغتها السياسية والمدنية والاجتماعية والثقافية، وكان حريصا على صون حقوق كافة الفئات، بما فيها الطائفة اليهودية”.
وأكد المتحدث نفسه أن “الدستور يمثل اعترافا قانونيا ويضمن الحماية القانونية لهذا المكون، ويعمل على ضمان إشعاعه وحضوره داخل النسيج المجتمعي المغربي”، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن دسترة هذا المكون “جاءت بفضل الممارسة الواقعية لليهود على أرض الواقع، وحفاظهم على تواجدهم ونشاطهم”.
وأوضح الأستاذ الجامعي أن الأمر لا يقتصر على هذا فحسب، بل إن المغرب في إطار تنوعه يحرص على تواجد محاكم عبرية تنظر في الشؤون الخاصة باليهود، وبالتالي التأكيد على حفاظ المملكة على هذا المكون ضمن المنظومة الكاملة للهوية الوطنية التي تجمع مختلف الروافد، حسب تعبيره.
وكان دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، أعلن اعتراف بلاده بسيادة المغرب على صحرائه، وعن اتفاق حول العلاقات بين المغرب وإسرائيل، رحب به أيضاً رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.
وأكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، في المقابلة مع الصحيفة التي تعد من بين أكثر الصحف العبرية مبيعاً، أن “للمغرب تاريخا مهما مع الطائفة اليهودية، خاصة في العالم العربي”، مضيفا أن “الملك محمدا السادس والملوك السابقين، بينهم الحسن الثاني، كانوا يحترمون اليهود ويحمونهم، والعلاقات بين المغرب واليهود كانت علاقات مميزة لا يمكن إيجاد مثيل لها في أي بلد عربي آخر”.