في ظرف خمسة أيام، علقت أزيد من 10 دول أوروبية التطعيم بلقاح “أسترازينيكا” البريطاني المضاد لـ”كورونا” “كإجراء احترازي” بعد ظهور آثار جانبية مشتبه بها، مثل تجلط الدم لدى بعض الأشخاص الذين تلقوا اللقاح.
وأبرز الدول التي أعلنت تعليق التطعيم باللقاح الذي يستمر المغرب في التلقيح به هي إيطاليا وألمانيا وفرنسا وهولندا وإيرلندا وبلغاريا والدنمارك والنرويج وإسبانيا وأيسلندا والسويد وأستونيا.
ولم تعلن وزارة الصحة المغربية عن أي قرار بخصوص تعليق استخدام لقاح “أسترازينيكا”، في وقت يجتمع فيه اليوم خبراء منظمة الصحة العالمية لبحث سلامة لقاح “أسترازينيكا”.
وخلافا لبعض الدول، فإن المغرب لا يعلن عن عدد الأشخاص الملقحين الذين ظهرت عليهم أعراض جانبية، سواء خطيرة أو متوسطة؛ فيما أكدت معطيات جريدة هسبريس الإلكترونية أن بعض الملقحين بالجرعة الأولى استمرت لديهم أعراض جانبية لمدة أسبوعين.
وقال مصدر من وزارة الصحة إن منطلقات المغرب بخصوص تعليق استعمال لقاح “أسترازينيكا” هو وجود دلائل علمية واضحة، وليس مجرد شكوك لا يوجد عليها اليوم أي دليل علمي واضح.
وأشار المصدر ذاته، في تصريح لهسبريس، إلى أن الدول الأوروبية سبق أن رفضت استعمال “أسترازينيكا” على الأشخاص الذين يتجاوز سنهم الـ65؛ “لكنها سرعان ما تراجعت عن هذا القرار في وقت كان فيه موقف وزارة الصحة المغربية واضحا منذ البداية، ورفضت مسايرة الموقف الأوروبي الذي تبين فيما بعد أنه غير صحيح”.
ويرى الطيب حمضي، طبيب وباحث في السياسات والنظم الصحية، أن المغرب يستمر في تطعيم مواطنيه بلقاح “أسترازينيكا” في انتظار وجود نتائج علمية دقيقة، مشيرا إلى أن فرنسا تسجل يوميا 820 حالة مرتبطة بتخثر الدم ولا علاقة لذلك بالتلقيح.
وأوضح الطبيب المغربي، جوابا عن سؤال لهسبريس، أنه رغم قرار بعض الدول تعليق – من باب الاحتياط – استعمال لقاح أسترازينيكا-أوكسفورد، فإن منظمة الصحة العالمية والوكالة الأوروبية للدواء اللتين تتابعان المعطيات أول بأول نصحتا الدول بعدم تعليق استعمال هذا اللقاح بالموازاة مع الدراسات المعمقة حول الموضوع.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن الدنمارك والدول التي حذت حذوها اتخذت قرار التعليق ليس بسبب ثبوت علاقة محتملة بين التطعيم بلقاح أسترازينيكا-أوكسفورد وبعض حالات تخثر الدم لدى الملَقَّحين؛ ولكن من باب الاحتياط.
ويرى الباحث في السياسات الصحية أنه في دراسة الآثار الجانبية للقاح “أسترازينيكا” ليس هناك آثار لها علاقة بمشاكل تخثر الدم، مشيرا إلى أنه من الناحية الإحصائية إلى حدود يوم الأحد الماضي كانت هناك 37 حالة مسجلة من مشاكل تخثر الدم لدى الأوروبيين الملقحين والبالغ عددهم وقتها 17 مليون شخص.
ويعتبر حمضي أن هذه النسبة من حالات تخثر الدم لدى الملقحين هي نفسها؛ بل أقل من نسبة حدوث هذه الحالات داخل الساكنة العامة بدون تلقيح، “أي أن عدد الأشخاص الذين يصابون عادة وخلال كل السنوات السابقة، أو أصيبوا بمشاكل تخثر الدم هو نفسه بل أكثر من عدد الحالات التي تم تسجيلها لدى الملقحين”.
وتابع المتحدث أن فرنسا تسجل سنويا 300 ألف حالة من مشاكل تخثر الدم، أي أزيد من 820 حالة تخثر دم يومية، مشيرا إلى أنه أمام نفس عدد الساكنة وفي نفس الفترة الزمنية يجب أن يكون عدد الحوادث بين الملقحين أكبر من غيرهم لربط الحوادث بلقاح أو بدواء ما.
وخلص الطبيب ذاته إلى أن معدل عدد حالات تخثر الدم المسجلة بين المطعمين بلقاح “أسترازينيكا” هو نفسه بين الملقحين باللقاحات الأخرى المعتمدة ضد “كوفيد 19”.
وأردف أن بريطانيا هي البلد الأوروبي الذي لقح أكبر عدد من مواطنيه بلقاح “أسترازينيكا” – 11 مليونا – وله نظام يقظة دوائية من بين أكثر هذه الأنظمة تطورا وفعالية، ولم تسجل منظومة الرصد بهذا البلد الأوروبي أي زيادة في خطر مشاكل تخثر الدم بين الملقحين مقارنة بباقي الساكنة.
وشدد الطيب حمضي على أن من شأن تعليق حملات التلقيح بدون دواعٍ طبية ملموسة أن يحرم مئات الآلف من الناس من التلقيح والحماية ضد “كورونا”، وزاد أن “تعليق التلقيح، ولو لمدة محدودة، ستنتج عنه وفيات بالمئات؛ وهي أكثر بكثير من ثلاث حالات وفاة بسبب علاقة مزعومة وغير مؤكدة بين اللقاح وحالات مشاكل تخثر الدم”.