تحل يوم الـ16 من ماي 2021 الذكرى الثامنة عشرة للأحداث الإرهابية التي شهدتها مدينة الدار البيضاء. وعلى امتداد هذه السنوات، حاولت الدولة محاصرة واجتثاث منابع التطرف أمنيا واجتماعيا؛ لكن استمرار الخطر يشكل هاجسا حقيقيا للسلطات.

وعلى الرغم من الإصلاح الشامل الذي خضع له الحقل الديني، طيلة ما يزيد عن خمسة عشر عاما، فإن الأجهزة الأمنية ما زالت تفكك “خلايا إرهابية نائمة”؛ ما يعني أن “ثمة حاجة إلى استمرار المراقبة الصارمة للمجال الديني، لوجود خطر محدق على الدوام”.

وأمام انتشار دعاة ووعاظ متطرفين واستمرار الاعتقالات، يتبين أن الخطر الإرهابي ما زال موجودا، كما يعززه احتمال عودة المقاتلين المغاربة الذين تلقوا تدريبات ميدانية في أراضي النزاع؛ وهو ما يدفع إلى تبني مقاربة أمنية جديدة في التعامل مع عودة “الدواعش” المغاربة.

الفكر المتطرف يتطور

محمد عبد الوهاب رفيقي، الباحث في الشأن الديني، اعتبر أن الدولة اعتمدت إستراتيجيات عديدة وفق تغير الظروف ونوع الأنشطة الإرهابية، مسجلا أن الناحية الأمنية وهي الأهم كانت السلطات موفقة، بوقف الأحداث وتفكيك الخلايا.

وثمن رفيقي، في تصريح لجريدة هسبريس، استعانة دول أوروبية بخبرة المغرب في هذا المجال. كما شكل التواصل بين الأجهزة الأمنية والرأي العام الوطني نقلة نوعية، حيث لم يعتد المغاربة على هذا الأمر؛ ما يجعله يستحق التنويه.

أما بخصوص المقاربة الدينية، فيرى رفيقي أن الفكر المتطرف يصعب اجتثاثه، بحكم تطوره هو الآخر وسلكه قنوات ومنافذ أخرى، خصوصا وسائل التواصل الاجتماعي؛ لكن في المقابل السياسات الدينية اتسمت بنوع من الدينامية.

ونوه المتحدث بمراقبة المساجد وخطب الجمعة وتكوين المرشدين، معتبرا أن لهذا الأمر تأثيرات إيجابية عديدة، مستدركا أن الأمر يتفاوت عند الحديث اجتماعيا واقتصاديا، فعلى الرغم من هيكلة أحياء فرخت التطرف، فإن الجهود ينقصها الكثير.

وهذا الأمر مرتبط بموضوع التنمية ككل في المغرب، وأولوية التعامل الأمني مع الموضوع، مطالبا بإضافة مقاربة تشريعية تنهي الخرجات المتطرفة وتقطع معها نهائيا، ثم إشراك الباحثين والمثقفين في مقاربة الظاهرة الإرهابية.

غياب الإشراك

إدريس الكنبوري، الكاتب في الشأن الديني، يرى أنه بعد سنوات من الأحداث وهيكلة الحقل الديني يمكن إصدار حكم النجاح على ما تراكم، خصوصا بعد أن هضم الجميع خطة الإصلاح الديني، فما كان جديدا سنة 2004، صار عاديا في أعين الناس.

وأوضح الكنبوري، في تصريح لجريدة هسبريس، أنه على مستوى الشق الأمني فقد راكمت السلطات خبرة كبيرة، كما تنسق مع الدول الأجنبية؛ لكن فكرة القضاء التام على الإرهاب غير واردة، كونه متحولا ويستخدم بدوره أساليب جديدة.

وأشار المتحدث إلى أن الدولة تراهن حاليا على الجانب الأمني فقط، فيما المثقفون بعيدون عن التدبير والمقاربة، وهو ما يعطي انطباعا أن الملف يعني الدولة وحدها وليس جميع المواطنين، مطالبا بضرورة إشراك الباحثين والاستفادة منهم.

hespress.com