رصدت مُؤسسة وسيط المملكة تزايد الفجوة بين المواطنين والإدارة العمومية بالمغرب، ودعت إلى ضرورة الانتباه إليها حتى لا يبقى المواطن هو الحلقة المفقودة في موضوع الإصلاحات الإدارية التي تعتمدها الدولة.

وأشارت المؤسسة، ضمن تقريرها السنوي لعام 2019 المرفوع مُؤخراً إلى الملك محمد السادس، إلى أن تزايد عدد الشكايات الواردة عليها في مواضيع تُلامس الحياة الاجتماعية للمواطنين يُؤشر على وجود هذه الفجوة المتزايدة.

وذكر تقرير المؤسسة، وهي هيئة وطنية مُستقلة تهتم بالدفاع عن الحقوق في نطاق العلاقات بين الإدارة والمرتفقين، أن “نظرة المواطن إلى مُستوى الفعالية الإدارية وانتظاراته منها قد ارتفعت، حيث بات المواطن يستعمل عناصر لتقييم هذه الفعالية مختلفة عن تلك التي تعتمدها الإدارة”.

وأورد التقرير أن هناك “ضُعفاً في تلمس المواطن لحقيقة نتائج المجهودات المبذولة والبرامج والإصلاحات المعلنة في العديد من المجالات؛ وهو ما يُؤدي إلى سلسلة من المطالب الجديدة نوعياً تنتهي عادةً بزيادة العبء على الإدارة التي لا تستطيع الوفاء بها، وهو ما يُوسم أداءها أحياناً بالعجز عن حل المشكلات الجديدة التي تُواجه المجتمع في سياق معولم”.

وأوصى وسيط المملكة بضرورة اشتغال الإدارة أكثر على دعم النزاهة وشفافية خدماتها، مُعتبراً أن ذلك يُشكل محدداً أساسياً في إدراك الجمهور لمدى نجاعة المرفق العام. كما شدد على ضرورة الربط بين البرامج الإصلاحية وتحسين جودة وفعالية الخدمات العامة باعتبارها من بين أهم المداخل الأساسية للإصلاح.

ويكمن الرهان الأساسي، حسب المؤسسة، في الانتقال في تدبير العلاقة بين الإدارة والمرتفق من مُجرد الاهتمام بخدمة الإدارة للمواطنين إلى الاهتمام بمدى جودة هذه الخدمات؛ لما لها من أهمية في إرساء الثقة بين الإدارة والمواطنين.

وفي نظر الوسيط، فإن جودة الخدمات الإدارية لا يمكن قياسها بما يُسن من قوانين، ولا بما يعلن عنه من برامج، ولا بحجم الأعمال المنجزة، ولا حتى بقيمة الميزانيات المرصودة فقط؛ بل بما تحققه من شعور بالرضا والمساواة لدى المواطن، وهو ما يستدعي استحضار معايير الجودة في كل خدمة.

وتُقر المؤسسة بأن العديد من المبادرات قد انطلقت في مجال الإصلاح الإداري، من قبيل تبسيط المساطر وتقريب الخدمات من المواطن؛ لكنها أشارت إلى أن “ما تم الوقوف عليه من اختلالات وما يُسجل يومياً من شكايات يدفع إلى التساؤل حول مدى شعور المواطن بأنه هدف كل البرامج والسياسات الإصلاحية، وهو ما يؤدي إلى تعطيل المبادرات وازدياد درجة الاستياء”.

ويقترح وسيط المملكة لمعالجة هذا الموضوع إدخال مفهوم “إدارة الجودة الشاملة” في أداء الإدارة العمومية من خلال ربط البرامج والسياسات والممارسات الإصلاحية التي تتبناها الإدارة بتطوير نظم وإجراءات إدارة الجودة ووضع معايير تنميط لقياس الأداء.

وجاء ضمن التقرير السنوي للمؤسسة أن “الهدف هو تلمس المواطن لحُسن الاستقبال والإصغاء والترحيب والتكريم والخدمة الكاملة والتبسيط والمساعدة والاكتفاء بأقل ما يمكن من الوثائق؛ لأن ما تملكه الإدارة أو ما يجب أن تمتلكه من وسائل معلوماتية وتقنية كفيل بأن يوفر لها كل المعلومات”.

وأوضح وسيط المملكة أن ما سلفه ذكره هو بمثابة مُقومات ميثاق وعقد مفترض يدين فيه المواطنون للإدارة بالاحترام والانضباط ويفرض عبره الواجب على الإدارة الاستماتة من أجل الوفاء به.

hespress.com