لم يعد الحديث عن داء فقدان المناعة المكتسبة “السيدا” في المغرب بالزخم نفسه الذي كان حاضرا به في النقاش العمومي قبل سنوات إبّان ذروة انتشاره، إذ أصبح الحديث عنه شبه منحصر في اليوم العالمي الذي يصادف فاتح دجنبر من كل سنة؛ لكن في الميدان ما زالت تُبذل جهود كبيرة للقضاء على هذا الداء الفتاك.

ويوجد في المغرب ما يناهز 22 ألف شخص حامل لفيروس “السيدا”، حسب المعطيات الرسمية الصادرة عن وزارة الصحة السنة الفارطة؛ 27 في المائة منهم ليسوا على علم بكونهم حاملين للفيروس، بينما بلغت نسبة الذين استفادوا من العلاج 90 في المائة.

ويرى نبيل نشيط، رئيس جمعية الجنوب لمحاربة “السيدا”، أن المغرب قطع أشواطا كبيرة على درب القضاء على داء فقدان المناعة المكتسبة، والذي أصبح المواطنون يتحدثون عنه مثل باقي الأمراض، ولم يعد من الموضوعات المسكوت عنها كما كان في بداية ظهوره؛ وهو ما مكّن من تسريع وتيرة محاصرته.

وأكد نشيط، في تصريح لهسبريس، أن الحديث عن داء “السيدا” خلال الشهور الماضية من هذه السنة خفت؛ لأن جائحة فيروس “كورونا” طغت على الساحة وغطّت على باقي الأمراض، “لكن الموضوع لا يزال يناقَش ويعالج وتُبذل فيه مجهودات كبيرة”، يردف المتحدث.

وتشير المعطيات الصادرة عن وزارة الصحة إلى أن نصف عدد الحاملين للفيروس يوجدون في مرحلة متقدمة من الإصابة؛ وهو ما يرى فيه العاملون في هذا المجال تحديا كبيرا. وثمة تحدٍّ آخر يكمن في كون أكثر من نصف المصابين هم من الشباب، الفئة الأكثر حركية ونشاطا في المجتمع.

وإذا كان داء “السيدا”، على خلاف غيره من الأمراض المنقولة جنسيا وبواسطة طرق أخرى، ينتقل عبر الشباب، فإن هناك أملا آخر إيجابيا سيساعد على القضاء على الفيروس في صفوف هذه الفئة، ويتمثل في زيادة الوعي في صفوفهم، بفضل العمل الذي تقوم به جمعيات المجتمع المدني على مدار السنة.

ويرى رئيسة جمعية الجنوب لمحاربة “السيدا” أن هناك أملا كبيرا في إمكانية تحقيق المغرب لهدف القضاء على داء السيدا في سنة 2030؛ لأن الشباب هو الفئة الأكثر سهولة للتعاطي معها، وأكثر وعيا واستيعابا لرسائل التوعية.

وأضاف المتحدث ذاته أن الأنشطة التي تقوم بها الجمعية التي يرأسها، بتنسيق وشراكة مع وزارة الصحة، تركّز على تكليف متطوعين شباب بالتواصل مع الشباب المستهدفين بالحملات التوعوية؛ وهو ما يتيح تفاعلا أكبر بين الطرفين، ومن ثم إيصال الرسائل المراد إيصالها بطريقة أكثر فعالية ونجاعة.

وأكد نشيط أن القضاء على “السيدا” لا يعني نهاية المعركة، بل لا بد من استمرار التحلي باليقظة والإبقاء على حملات التوعية والتحسيس، مبرزا “أن هذا يتطلب وعيا جماعيا من المجتمع، واستمرار عمل المجتمع المدني للتحسيس بخطورة الأمراض المنقولة جنسيا، حتى تكون هناك توعية صحية شاملة”.

وبخصوص الولوج إلى العلاج، قال نشيط إن هذا الأمر لا يطرح أي إشكال، حيث تنسق الجمعيات العاملة في مجال محاربة “السيدا” مع المديريات الجهوية للصحة من أجل توفير الأدوية للمرضى أو التتبع الطبي، كما تمكّنهم أيضا من التتبع عن طريق مشرفين اجتماعيين.

hespress.com