دعا باحثون مغاربة إلى ضرورة فتح الأفق الرقمي أمام الكتاب المدرسي، معتبرين أن هذا الأفق مازال يتراوح في تنزيلاته البيداغوجية بين الحماس والتردد، ومعللين دعوتهم هذه بما لاحظوه من انخراط المتعلمات والمتعلمين في التفاعل الكبير مع أدوات التكنولوجيات الحديثة ومحتوياتها.

كما دعا الباحثون أنفسهم إلى المسارعة إلى تدارك الوقت قبل أن تعصف مواقع التواصل الاجتماعي والتطبيقات الإلكترونية بأوراق الكتاب المدرسي عصفا، مؤكدين أن هذا الورش “ينبغي أن يحاط بأكبر عناية، وأن يُعهد به لخبراء في المجال لتجديد دماء منظومتنا التربوية في زمن لا يرحم المتخلفين عن الركب الرقمي”.

وجاءت هذه الدعوة ضمن خلاصات بحث أنجزه فريق ديداكتيك اللغة العربية بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين فاس مكناس، المكون من الأساتذة: عبد المالك أشهبون ومحمد بوصحابي ومحمد بودويك؛ بينما نسق الأعمال الأستاذ عبد السلام المساوي. وهو بحث في 200 صفحة، صدر، أخيرا، ضمن كتاب، تحت عنوان “الكتاب المدرسي من التشخيص إلى الاستشراف”.

كما رصد الفريق، خلال بحثه هذا، مجموعة من الاختلالات في عملية تأليف الكتاب المدرسي أهمها: “غياب أعمال التشخيص القبلية لحصيلة مكتسبات المتعلمين التي ينبغي أن يباشرها المؤلفون قبل الشروع في إعدادهم محتويات الكتب وطرائق تنزيلها”، وهذا، حسبهم، “أمر على درجة كبيرة من الأهمية، ويؤثر سلبيا، وبشكل مباشر، على مردودية التأليف المدرسي”.

أما ما اعتبره الفريق “أشد الاختلالات وقعا في الكتب المبحوثة”، فهو الذي “مس مبدأ التعددية وفهمه وتأويلاته”، إذ لا يبدو من تمثلاته، حسبهم، أن “واضعي دفتر التحملات الخاصة ومعهم المؤلفون ولجنة المصادقة قد أعطوه المعنى الحقيقي بالنظر إلى أهدافه وغاياته”.

ولم يفت الباحثين الإقرار بالحركية البيداغوجية التي رافقت المخاضات التي عرفها الكتاب المدرسي وهو يتطور تدريجيا من بداياته المتعثرة إلى الوضعية التي أصبح عليها اليوم؛ “وهي وضعية لا يملك المتتبع للشأن التربوي إلا أن يثمنها، بما لها من عناصر النضج والجودة، وما عليها من أوجه القصور والنقص”.

كما أكد الباحثون أن مواصلة إرساء البنيات والهياكل وتطوير السابق منها “عمل لا يمكن إلا أن يكون في الاتجاه الصحيح”، مردفين: “وقد حان الوقت للقيام بالتقويمات اللازمة لما تم إنجازه للوقوف على الحصيلة المحققة إلى حد الآن، وفرز نقط القوة ونقط الضعف؛ في أفق مواصلة الإصلاح وتدبر أسباب النقص وعوائقه”.

يذكر أن هذا البحث أنجز تأسيساً على ما سبق لآخرين أن قدموه في بحوث ودراسات ومناظرات وندوات، وانطلاقاً من أعمال التشخيص والدراسة التي قام بها أعضاء فريق البحث نظريا وميدانيا.

hespress.com