أفاد الدكتور محمد مصباح، مدير المعهد المغربي لتحليل السياسات، بأن “أزمة كورونا” شكّلت جرعة أمل لاسترجاع الثقة في الحكومة المغربية من قبل المواطنين. كما ساهمت، أيضا، في رضا الرأي العام عن سياساتها خلال فترة تفشي فيروس “كوفيد-19”.

وأوضح مصباح، خلال الندوة التي نظمتها شبكة “الباروميتر العربي” لاستعراض الحقائق الكبرى بشأن الوباء في بلدان المنطقة، ضمنها المغرب، أن “الرأي العام كافأ الدولة المغربية على الاستجابة الفعالة للأزمة”، في سياق حديثه عن معادلة استجابة الرأي العام لصناع القرار.

ولفت الباحث المغربي الانتباه إلى أن “الباروميتر العربي يعتبر أداةً مهمة لقياس “مزاج” الرأي العام”، مورداً أن “الدورة السادسة للشبكة البحثية تأتي في سياق استثنائي؛ ومن ثمة يجب قراءة نتائجها بهذه النسبية”، معتبراً أن “مؤشر الثقة في الحكومة ارتفع إلى 52 في المائة عام 2020 بعدما استقرّ في 30 في المائة عام 2019”.

وبعد توصيفه لمؤشر الثقة في البلد، حاول الباحث عينه تفسير أسباب ارتفاع الثقة في الحكومة، من خلال إيراده بأن “الأزمة شكلت فرصة للدولة بعد تراجع الاحتجاجات بمناطق مختلفة بالمغرب، في مقابل حالة الإجماع الوطني تجاه التهديد الخارجي المرتبط بالفيروس”.

وتابع شارحا: “نذكر أيضا استجابة الدولة السريعة والفعالة إلى حدود ما في امتصاص الأزمة خلال مراحلها الأولى، بما في ذلك المؤسسة الملكية نفسها، إلى جانب اعتماد الحجر الصحي الشامل الذي مكّن من التحكم في عدد الحالات، والتكفل بمرضى كورونا، موازاةً مع دعم الفئات الهشة”.

وأشار مصباح إلى أن “التواصل الحكومي كان مستمراً في بداية الأزمة، سواء تعلق الأمر برئيس الحكومة أم الوزراء، حيث أعطى إشارات للطمأنة بأن الدولة حاضرة؛ ولكن تغيّر أسلوب التواصل لاحقا”، مبرزاً أن الثقة في الحكومة ظلت مرتفعة إلى حدود عيد الأضحى.

وبعد إلغاء دعم الأسر وانتهاء فترة عيد الأضحى، بدأ نوع من التراجع النسبي في مؤشر الثقة الحكومي، وفق مداخلة مدير المعهد المغربي لتحليل السياسات، الذي أكد أنه “لا نعيش مرحلة اختفائها، ولكن يُمكن أن تعود إلى ما كانت عليه في السابق؛ أي ستتراوح نسبة المؤشر بين 30 و40 في المائة، غير أنها نسبة مرتفعة مقارنة بالدول الأخرى”.

وتحدث الباحث الأكاديمي عن “الارتباك” الذي وسَم التواصل الحكومي في المرحلة الثانية من تدبير الطارئ الصحي، من خلال البيانات التي يُصدرها الفاعل التنفيذي في منتصف الليل، ناهيك عن الارتفاع في حالات الإصابة بالوباء، موضحا أن “الرأي العام يتجاوب مع قرارات الحكومة، التي يفترض أن تتفاعل مع الرأي العام”.

لما تفاعلت الحكومة بشكل سريع وشفاف، عبر سنّ إجراءات ملموسة، لاحظنا ارتفاعاً في درجة الثقة؛ بل وصل الأمر إلى درجة الرضا”، بتعبير الباحث في علم الاجتماع السياسي، الذي خلص إلى أن “نظام الاستجابة المبكر هو الذي أحدث الفرق بخصوص احتواء الجائحة، وليس طبيعة النظام (ديكتاتوري أم ديمقراطي)”.

من جهته، أبرزَ الدكتور عبد الوهاب الكيالي، كبير اختصاصيي البحث في “الباروميتر العربي”، أن “التقارب بين المغرب والأردن في مؤشرات الثقة مرده إلى اتباعهما النموذج الصيني في بداية تفشي الوباء، وهو النموذج الذي يرمي إلى إثبات الكفاءة، إلى جانب السرعة في اتخاذ القرار، بما من شأنه ضمان الصحة العامة”.

وشدد الكيالي على أن “الأردن تعاملت مع الوباء بخطر أمني عالٍ، حيث أثبت النموذج رضا المواطنين في مرحلة أولية؛ ولكن لا يتوفر المغرب أو الأردن على كفاءة الدولة الصينية ومواردها في تدبير المرض، ذلك أن النموذجين نجحا في استدامة الثقة خلال الأشهر الستة الأولى، ولكن الالتفاف المجتمعي بدأ ينخفض بعدها”.

hespress.com