قال مصطفى شكدالي، الباحث في علم النفس الاجتماعي، إن ما تعبر عنه فئات من الشباب المغربي في الشبكات الرقمية، من خلال ما ينشرونه على صفحاتهم الخاصة في مواقع التواصل الاجتماعي، ينطوي على “سلوكات مرضية”.

واعتبر شكدالي، في لقاء عن بعد نظمته الجامعة الشعبية مكناس حول آليات الصحة النفسية والدعم الاجتماعي للتلاميذ والطلبة، أن ما يُنشر على الشبكة الرقمية يعكس وجود مشكل على مستوى إدراك الجسد، والعلاقة مع الذات ومع الآخرين، وأن هذه المؤشرات تدل على وجود خلل في الصحة النفسية.

وأوضح الباحث المتخصص في سيكولوجيا الشبكات الرقمية أن ما يعبّر عنه التلاميذ والطلبة في فضاءات خاصة، ككتابة عبارات نابية على جدران المؤسسات التعليمية، ربما يكون نتيجة عدم تمكينهم من التعبير عن طاقاتهم في مجالات إبداعية كالرسم أو التعبير عن أشياء لم تُتح لهم فرصة التعبير عنها داخل المدرسة.

ويرى شكدالي أن رغبة المدرسة في جعل جميع التلاميذ والطلبة ينضبطون لأفكارها المعتمدة على النقل لا يمكن أن يفضي إلى اكتساب آليات الإبداع، مبرزا أن الفرد بطبيعته يريد أن يكون مبدعا؛ “ولكن الواقع قزّمه وخندقه في خندق معين”.

واعتبر المتحدث ذاته أن السؤال الذي ينبغي طرحه هو: “هل نريد فردا حُرا مبدعا خلاقا، أم فردا مشابها للآخرين بسلوك فيه نوع من المطابقة؟”، وتابع مجيبا عن سؤاله بأن المشكل يكمن في عدم التدقيق في الغايات التي تحدد الأهداف للوصول إلى تنشئة فرد متوازن على مستوى الصحة النفسية.

وفيما أصبحت عملية إعادة إنتاج النماذج السائدة في المجتمع أكثر قوة من أي وقت مضى، بسبب تأثير ما يبُث في الشبكة الرقمية على نفسية المتلقي، وبالتالي تكريس الخلل على مستوى الصحة النفسية، فإن شكدالي يرى أن الخروج من هذه الوضعية ليس مستحيلا.

وأوضح أن الذين نجحوا في رسم مسارات متفردة ونجوا من الانسياق وراء التيار السائد أفلحوا في هذه المهمة؛ لأنهم طوّروا آليات التفرد على المستوى النفسي والمعرفي، بعدما أدركوا أنهم سيكونون بدورهم آليات لإعادة إنتاج ما هو سائد في المجتمع.

وفي الوقت الذي يزداد تأثير الشبكة الرقمية على الصحة النفسية للأجيال الصاعدة، تأسف شكدالي لغياب إطار منظم للأخصائيين النفسانيين في المغرب؛ وهو ما يحُول دون تواجدهم في المؤسسات التعليمية من أجل تقديم الدعم النفسي للتلاميذ والطلبة.

واستطرد: “آن الأوان لكي نقرّ بأن هناك خللا في مجتمعنا على مستوى الصحة النفسية، وأن نعطي للموضوع الأهمية التي يستحق، على المستوى التشريعي وفي التعليم”، داعيا إلى الاقتداء بالمديرية العامة للأمن الوطني التي تستعين بأخصائيين نفسانيين لمواكبة عناصر الأمن.

ونبه المتخصص في سيكولوجيا الشبكة الرقمية إلى أن تعاطي الطلبة للمخدرات يفاقم خلل الصحة النفسية في صفوفهم، موضحا أن غايتهم من تعاطيهم لهذه المواد هي البحث عن نشوة وتوازن؛ لأن قدراتهم الذهنية لا تساعدهم على التسامي عن الصعوبات التي تواجههم في الواقع.

hespress.com