الأحد 13 شتنبر 2020 – 04:13
اعتبر الطيب حمضي، طبيب باحث في السياسات والنظم الصحية، أن الحالة الوبائية المقلقة التي يعيشها المغرب منذ عدة أسابيع، تستدعي اتخاذ قرارات جريئة لتفادي الانفلات الوبائي والإجراءات المؤلمة.
وذكر حمضي، في هذا الصدد، “ضرورة الرفع من قدرة الكشف من خلال التزود بالعُدة والأجهزة الضرورية لذلك، خصوصا وأن هناك مؤسسة مغربية قادرة على إنتاج المطلوب محليا وبالأعداد الكافية”.
ودعا الطبيب ذاته في تصريح صحافي إلى “تسهيل اعتماد أكبر عدد ممكن من المختبرات الخاصة عبر التراب الوطني والترخيص لها بإجراء الفحوصات، وتعويض مصاريف الكشوفات من طرف صناديق وشركات التأمين بالنسبة للمؤمنين من خلال عقد اتفاقيات مستعجلة بينها وبين المختبرات لاعتماد نظام الثلث المؤدى، بما يسمح للموظفين والأُجَراء بالقطاع الخاص وعائلاتهم من الاستفادة من خدمات القطاع الخاص بسرعة، وتخفيف الضغط على المؤسسات العمومية لتمكين الاكتشاف والتكفل السريعين بالإصابات المشكوك فيها ومخالطيهم”.
وبعدما أشار إلى ضرورة “دمج أطباء القطاع الخاص في منظومة الكشف، خصوصا وأنه القطاع الذي يستقبل يوميا أكبر عدد من المواطنين من ذوي الأعراض”، اقترح حمضي “تقليص مدة العزل بالنسبة للحالات المؤكدة والمخالطين المؤكدين بأعراض أو بدونها من 14 يوما إلى 10 أيام، وهي المدة التي تعمل بها عدة دول، لفترة انتقالية، قبل تخفيضها لـ7 أيام بعد أسابيع، مع الالتزام بالإجراءات الحاجزية بقوة”.
ودعا الطيب حمضي اللجنة العلمية الاستشارية إلى “النظر في تخفيف البروتوكول العلاجي بشكل كبير، خصوصا بالنسبة للمصابين الشباب من دون عوامل اختطار، لتسهيل العزل والتكفل، بالنظر لكوننا مقبلين على تسجيل حالات بالآلاف في الأسابيع والأشهر المقبلة، وتؤكد التجارب الدولية عدم الحاجة لذلك”.
وفي حال تعذر توسيع قدرة الكشف بالسرعة المطلوبة، أكد الباحث على ضرورة “العمل بمبدأ عزل كل الذين تظهر عليهم أعراض ومخالطيهم الأقربين، وتدبير الكشف بعد ذلك، بالخصوص قبل بدء ظهور حالات الانفلونزا الموسمية حيث ستتكاثر وقتها الحالات وتتشابه الأعراض”، كما حث على “تركيز الكشوفات على المواطنين الذين تظهر عليهم أعراض ومخالطيهم والتخلي عن الكشف الواسع إلا للضرورة، من أجل ترشيد استعمال وسائل الكشف في ظل محدودية قدرة الكشف”.
وشدد حمضي على ضرورة “تحسين القدرة على الاستباق لتفادي تعقد الأوضاع الوبائية وتفادي اتخاذ إجراءات آخر ساعة التي لا تساعد على تفهم المواطنين للقرارات المتخذة”، مبرزا في الوقت ذاته “أهمية التهيؤ اللوجستيكي والتوعوي لإطلاق حملة واسعة النطاق للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية، والبدء بالفئات الهشة والمهن المجابهة للوباء حتى نتجنب التقاء وباءين معا، وإرهاق المنظومة الصحية والضغط الكبير عليها، ولأجل ترشيد استعمال الكشوفات أمام تشابه أعراض المرضين”.
ودعا الباحث أيضا إلى خلق مسارين للعلاج بالمنظومة الصحية بالقطاعين العام والخاص، “مسار علاج كوفيد ومسار علاج الأمراض الأخرى”، مؤكدا أنه “لا يمكن مطلقا اليوم تأجيل التكفل بالأمراض المزمنة وصحة الأم والطفل وكل الأمراض الأخرى”.
من جهة أخرى، دعا حمضي إلى “تقوية وتحسين التواصل مع المواطنين والفاعلين من خلال خلق نقاشات وحوارات علمية تجيب عن تساؤلاتهم وتخوفاتهم وحاجتهم لاستشراف المستقبل، وإعطاء البيانات المفصلة التي تسمح للمهنيين والإعلاميين والخبراء بتتبع الوباء وفهمه وتقديم المقترحات المناسبة، وتعزيز هذه المعطيات بدراسات طبية وعلمية من الواقع الوبائي المغربي تتيح فهم الأرقام وأسبابها وطرق التحكم فيها مغربيا، ومن أجل تكييف الاستراتيجية الوطنية مع خصوصيات الواقع الوبائي المغربي”.
وحث الباحث على ضرورة “التوجه للشباب من خلال الشباب نفسه من المجتمع المدني والإعلام، للتنبيه لمخاطر الوباء على أنفسهم وأسرهم ومجتمعهم ومستقبلهم”، مشددا على أن “الشباب ليست له مناعة لا ضد الإصابة بكوفيد ولا ضد الإصابات الخطيرة، ولا حتى الوفاة بسبب كوفيد-19″، مذكرا في الوقت ذاته بضرورة “الالتزام التام بالإجراءات الحاجزية من كمامات وتباعد اجتماعي، وتطهير اليدين، وتهوية الأماكن المغلقة”، منبها إلى أن “خطر الإصابة بالأماكن المغلقة هو 20 مرة أكثر”.