“المغرب يتحرك”.. حقيقة قد تعيد إلى الأذهان شعار “التلفزة تتحرك”، الذي أشرف عليه المهندس الفرنسي أندري باكار في أواخر ثمانينيات القرن الماضي، في محاولة لتطوير برامج التلفزيون المغربي، لكنها أعمق بكثير من تلك الشعارات التي أظهر الزمن بأنها كانت بريقا لامعا فقط.
في هذا السياق لا يمكن للمغاربة إلا أن يصفقوا لما وصلت إليه البلاد من إنجاز كبير وتاريخي يتمثل في اختفاء الحفر بشكل كامل من الشوارع والأحياء في الحواضر والبوادي.
و”بقدرة قادر” اختفت ملايين الحفر المبثوثة في الكثير من شوارع وطرقات المملكة، بفضل أوراش وعمليات الترميم التي انكبت عليها السلطات المعنية طيلة الأيام الفائتة، ليصبح رمضان الحالي شهرا كريما بدون حفر.
وهكذا تنفس المغاربة الذين يستعملون هذه الطرقات، راجلين وسائقين، الصعداء بعد أن ترممت الحفر، وتبلطت الشوارع التي تحولت إلى زرابي مستوية لا ترى فيها “عوجا ولا أمْتا”.
وكانت الحفر إلى وقت قريب تسبب للمغاربة، خاصة سائقي السيارات والدراجات والحافلات، في الكثير من المشاكل الخطيرة التي تصل إلى حد إزهاق الأرواح البريئة.
وكم حفرة يتمت امرأة، أو أثكلت أما، أو أعاقت شابا، أو أجهضت أحلاما جميلة، أو أنهت مستقبلا ورديا.. مجرد حفر عشوائية ومتناثرة هنا وهناك في شارع أو طريق، لكنها “كمائن قاتلة” في كثير من الأحيان.
يحق للحكومة أن تفتخر بإنجاز مهم وغير مسبوق مثل “القضاء على الحفر”، ذلك أنها بذلك أنقذت الكثير من الأرواح من الهلاك البين.
وإذا لم تقم الحكومة الحالية بأي عمل يحمده المغاربة عليها طيلة ولايتها، فيكفيها أنها أنهت مشكل الحفر هذه إلى غير رجعة.
ويفكر العديد من مستعملي الطرق والشوارع، بعد أن روأ رأي العين كيف اختفت الحفر من حياتهم، في أن يقبلوا على التصويت بكثافة لفائدة الحزب الذي يوجد على رأس الحكومة، لكونه ساهم في هذا العمل المشكور الذي سيسجل في صحيفته السياسية والانتخابية إلى الأبد.
بعد التحري والتثبت، يبدو أن قصة الحفر التي اختفت من الشوارع والطرقات تعود إلى بلاد السويد ومن على شاكلتها من الدول المتطورة التي تهتم بحياة مواطنيها، أما هنا فلدينا الاكتفاء الذاتي من الحفر تحت شعار “لكل مواطن حفرة”، ولا عزاء للحساد والحاقدين.